60 بالمائة من الإطارات الجزائرية تشتغل في الشركات متعددة الجنسيات يستفيد 4 ملايين عامل جزائري فقط من حماية اجتماعية، حسب النموذج القديم الذي لا يعترف بأحقية جميع فئات المجتمع التمتع بامتيازاتها، بما فيها أصحاب مناصب الشغل الهشة وكذا المستفيدين من عقود العمل التي تبقى مؤقتة وينتهي مفعولها بمجرد فسخه. وطالب الباحث والأستاذ في جامعة الجزائر 3، محمد نصر الدين قريش، على هامش الملتقى الدولي حول الدولة والحماية الاجتماعية، بضرورة إضفاء الشرعية على الدولة الجزائرية، بالاستجابة لمطالب الجماهير في إطار الحماية الاجتماعية وحماية نفسها من الحراك الشعبي المحتمل بغية تحقيق مطالبهم بالقوة، على غرار ما حدث بالدول المجاورة التي اضطرت شعوبها لشن ثورات على أنظمتها للدفاع عن حقوقهم الاجتماعية، وشدد الأستاذ الجامعي على ضرورة العمل على امتصاص غضب الجماهير وتلبية مطالبهم، لتفادي الثورات التي يحركها الشارع الذي أضحى يشعر بفقدان الحماية الاجتماعية ، داعيا الدول التي لا تستمد شرعيتها من النظام الديمقراطي على الأقل، إلى تدارك نفسها وتلبية مطالب شعوبها في الحماية الاجتماعية لضمان استقرارها وكذا تجنب الوقوع في نفس الأخطاء التي ارتكبتها الأنظمة العربية، مشيرا إلى أن الحماية الاجتماعية في الجزائر في تراجع مستمر. وانتقد الباحث نموذج الحماية الاجتماعية الموجود في الجزائر والذي يختص فقط بالعمال الأجراء ، في حين أن فئات اجتماعية كثيرة تتخبط في أوضاع اجتماعية مزرية نتيجة مناصب الشغل الهشة. وعليه، لابد من نموذج لحماية اجتماعية يضم جميع الفئات خاصة منهم المستفيدون من مناصب الشغل الهشة التي رافقت التطورات التي أعقبت دخول العالم في اقتصاد السوق. وأوضح أن 4 ملايين جزائري فقط يستفيدون من حماية اجتماعية كاملة ترافقهم مدى الحياة وهم المأجورين، في حين أن آخرين مرهونون بعقود العمل التي تبقى مؤقتة، مشيرا إلى أن هشاشة العمل يهدد استقرار الدول. ونوه قريش إلى ضرورة الاهتمام بمسألة الحماية الاجتماعية التي لا تقتصر على الدول الضعيفة وإنما أضحت تشغل حتى الدول المتقدمة التي أولت اهتماما كبيرا بكيفية توفير الحماية الاجتماعية لشعوبها. من جهتها، أرجعت الأستاذة فضيلة عكاش، من كلية الحقوق والعلوم السياسية بتيزي وزو تراجع الحماية الاجتماعية في الجزائر إلى الاختلال المالي والاقتصادي الذي أعقب سنوات العشرية السوداء، مطالبة بضرورة تبني برامج وسياسات جديدة تتوافق ومطالب الشعب واعتبرت أن هذه الحماية مجسدة في الجزائر أكثر من الدول العربية الأخرى خاصة وأنها تحمي العامل من الأخطار التسعة التي تواجهه في مشواره العملي. وكشف مدير مخبر دراسات وتحليل السياسات العامة في الجزائر، الأستاذ محمد رضا مزوي، أن 60 بالمائة من الإطارات الجزائرية يعملون في الشركات متعددة الجنسيات، مطالبا بضرورة العمل لاستقطاب هؤلاء للعمل في المؤسسات الوطنية خاصة مع الإصلاحات السياسية المزمع تجسيدها على أرض الواقع ، ودعا الى تشجيع الشباب الباحث للخوض في مسائل الحماية الاجتماعية خاصة وأنها أضحت مفترق طرق أمام الأنظمة المطالبة بإصلاحات للقضاء على البيروقراطية.