سيكون المنتخب الوطني من بين أبرز الغائبين عن النسخة القادمة من العرس الكروي القاري المقررة مطلع السنة المقبلة بكل من الغابون وغينيا الاستوائية، إلا أن مؤشرات عودة “الخضر” إلى الواجهة بسرعة البرق لاحت في الأفق من خلال المردود المقدم في لقاء سهرة الأحد ضد جمهورية إفريقيا الوسطى، لأن التشكيلة الوطنية أدت أفضل مباراة لها منذ مونديال جنوب إفريقيا عندما وقفنا الند للند للأرمادة الإنجليزية في كاب تاون. كلمة السر... وحيد حاليلوزيتش أثنى الجميع على العمل الذي يقوم به التقني الفرانكوبوسني وحيد حاليلوزيتش منذ تنصيبه على رأس المنتخب في أواخر شهر جوان الماضي، لأن هذا المدرب ترك بصمته على المجموعة، ونجح في إعادة الروح للتشكيلة، فضلا عن تغييره طريقة اللعب، وانعكاسات ذلك بالإيجاب على أرضية الميدان، من خلال الوجه الطيب الذي ظهر به قادير ورفاقه في لقاء إفريقيا الوسطى، والروح المعنوية العالية التي لعبوا بها بحثا عن النقاط الثلاث. استعادة الروح القتالية مقابلة إفريقيا الوسطى وإن خاضتها التشكيلة الوطنية دون حسابات بعد تبخر حلم المشاركة في “الكان” إثر الهزيمة الثقيلة التي منيت بها في مراكش على يد المنتخب المغربي وقبلها في بانغي، ودون نسيان التعادل بطعم الخسارة في اللقاء الافتتاحي عند استقبالنا لتنزانيا، فإنها حملت معها الكثير من الجوانب الإيجابية التي أعادت بصيصا من الأمل لملايين الجزائريين بقدرة “الخضر” على تمرير الإسفنجة على “نكسة” الفشل في التأهل إلى “الكان”، لأن المنتخب الوطني أحرز فوزا معنويا في لقاء سيطر على غالبية أطواره، ليؤكد بذلك على أن المجموعة استعادت القليل من الروح التي افتقدتها منذ العودة من مونديال جنوب إفريقيا، وهذا بفضل السياسة التي قرر “فاهيد” انتهاجها، والمبنية على الصرامة الكبيرة التي يظهرها هذا المدرب في عمله، كون حاليلوزيتش يرفع دوما شعار “الانضباط والصرامة طريق النجاح”، بحكم أنه يؤمن بأن تحقيق النتائج الإيجابية في كرة القدم ينطلق من الانضباط داخل المجموعة المكونة للمنتخب، سواء أثناء المباريات أو حتى في التربصات الإعدادية. الاستحواذ على الكرة أفضل وسيلة وما زاد في تجسيد نجاح سياسة العمل التي قرر التقني الفرانكوبوسني انتهاجها في تسيير شؤون المنتخب الجزائري، تجاوب اللاعبين بسرعة مع طريقة اللعب التي يعتمدها، لأن التشكيلة الوطنية ظلت ولفترة طويلة تميل إلى الخيارات الدفاعية طيلة عهد الشيخ سعدان وكذا خليفته بن شيخة، ومعظم الانتصارات المحققة في تلك الفترة كانت دون إقناع، لكن حاليلوزيتش غيّر من أسلوب اللعب، وأصبح يعتمد أكثر على الاحتفاظ بالكرة والمبادرة بصنع اللعب، انطلاقا من وسط الميدان، بالمراهنة على التمريرات القصيرة مع اتضاح نزعة هجومية خالصة، رغم أنه ترك غزال كمهاجم وحيد صريح في القاطرة الأمامية، لكن مساهمة لاعبي خط الوسط في النسج الهجومي كانت فعالة، ما سمح للمنتخب الوطني ببسط سيطرته المطلقة على مجريات اللعب. الاعتماد على نفس التعداد وتحسن ملموس في الأداء الفوز على جمهورية إفريقيا الوسطى وإن لم يكن كافيا لتحقيق معجزة اختطاف تأشيرة التأهل إلى “كان 2012”، فإنه جعل “الخضر” يضربون عدة عصافير بحجر واحد، لأن هذه المقابلة كانت الأولى للمنتخب الوطني بالجزائر تحت قيادة حاليلوزيتش، بعدما كانت الخرجة الأولى لهذا المدرب مع “الكتيبة الخضراء” قبل نحو شهر بالعاصمة التنزانية دار السلام، والنجاح في إحراز النقاط الثلاث كان بالمزاوجة بين الأداء والنتيجة، فضلا عن كون “الكوتش فاهيد” وضع بصمته بصورة جلية على التشكيلة، لأنه راهن على ثمانية موندياليين، وأقحمهم كأساسيين، ويتعلق الأمر بكل من مبولحي، بوڤرة، مصباح، قادير، ڤديورة، يبدة، مطمور وغزال، وأضاف إليهم مهدي مصطفى وإسماعيل بوزيد في الدفاع وكذا حسين مترف الذي كان الممثل الوحيد للعناصر المحلية في التشكيلة الأساسية، وهو ما يعني بأن حاليلوزيتش لم يحدث ثورة كبيرة في الأساسيين، واعتمد على نسبة كبيرة من عناصر كانت ضمن خيارات سعدان وبعده بن شيخة، لكن التباين كان صارخا في الأداء سواء من الناحية الفردية أو الجماعية، واللاعبون استعادوا الروح التي كانوا قد افتقدوها منذ فترة طويلة، والتنويع في صنع اللعب بالاعتماد على الجهة اليمنى تارة، واليسرى تارة أخرى سمح لمطمور ورفاقه ببسط سيطرتهم المطلقة خاصة على أطوار الشوط الأول. مباراتان، 3 أهداف و4 نقاط من جهة أخرى، فإن مقابلة إفريقيا الوسطى مكنت المدرب حاليلوزيتش من إحراز النقطة الرابعة له مع المنتخب في ثاني مباراة رسمية يشرف عليها في تصفيات “الكان”، وهو نفس الرصيد الذي كان قد أحرزه “الخضر” في الجولات الأربع الأولى من المرحلة التصفوية، الأمر الذي يعني بأن فشل الكرة الجزائرية في تسجيل حضورها في الطبعة المقبلة من العرس القاري يعود إلى الانطلاقة. طرد النحس الذي لازم الخضر لسنتين المدرب الفرانكوبوسني تمكن من خلال التربصات الثلاثة التي أشرف عليها مع “الخضر” من الوقوف على النقائص المسجلة، ومعالجتها بلمسة التقني المتمرس، على اعتبار أنه لم يكن يملك العصا السحرية، ومع ذلك فقد رتب الأمور داخل التشكيلة، لأن مشكلة العقم الهجومي التي لازمت المنتخب الوطني منذ فترة طويلة وجدت طريقها إلى الحل، بتكفل لاعبي الوسط بهز شباك المنافس، وتسجيل هدفين في ظرف 30 دقيقة الأولى من عمر المباراة، سيناريو لم يكن يتوقعه الجزائريون، لأنها المرة الأولى التي يسجل فيها المنتخب ثنائية في الشوط الأول منذ سنتين، وكان ذلك بملعب تشاكر بالبليدة أمام منتخب رواندا في تصفيات مونديال جنوب إفريقيا، ولو أن اللافت للانتباه أن حاليلوزيتش أصبح بمثابة “الساحر” الذي ينجح في فك العقد التي ظلت تلازم المنتخب الجزائري، بعدما كان قد نجح في وضع حد لسلسلة الهزائم التي تلقاها “الخضر” خارج الديار، وكذا العجز عن التسجيل بعيدا عن الجزائر، وحصاد الهجوم في ظرف 180 دقيقة التي أشرف عليها هذا المدرب، والمقدر بثلاثة أهداف، عادل حصيلة المنتخب من الأهداف المسجلة في تسع مقابلات رسمية متتالية خاضتها التشكيلة الوطنية على مدار 492 يوما، انطلاقا من نصف نهائي “كان أنغولا 2010” ضد مصر، مرورا بلقاءات الدور الأول من المونديال، ووصولا إلى الجولات الأربع الأولى من التصفيات المؤهلة إلى الغابون وغينيا الاستوائية. عين حاليلوزيتش على مونديال البرازيل جدد الناخب الوطني وحيد حاليلوزيتش تأكيده على أنه يبقى بصدد البحث عن التعداد المثالي الذي سيخوض به غمار التصفيات المؤهلة إلى مونديال البرازيل. وأشار في الندوة الصحفية التي نشطها عقب مباراة إلى أنه يعتزم توجيه الدعوة لبعض الوجوه الجديدة في التربص القادم الذي سيسبق اللقاءين الوديين المقررين في النصف الأول من شهر نوفمبر المقبل ضد كل من تونس والكاميرون على التوالي، من دون أن يكشف عن الأسماء المعنية. فغولي على رأس القائمة يعد مدافع نادي فالنسيا الإسباني اللاعب سفيان فغولي واحدا من بين ثلاثة عناصر جديدة ستشارك في المعسكر المقبل للخضر. وأوضح المدرب الوطني في معرض حديثه عن مستقبل المنتخب بأنه سيمنح الفرصة للاعبين المحليين، من أجل الوقوف على مدى استعدادهم لتقديم أفضل مردود، مكتفيا بالتلميح إلى تدوينه اسمين في المفكرة، فضلا عن متابعته للمنتخب الأولمبي، وإمكانية وضع لاعبين من هذا المنتخب تحت تصرف الطاقم الفني لمنتخب الأكابر على امتداد التصفيات المؤهلة إلى المونديال القادم، ولو أن التقني الفرانكوبوسني اعترف بأن مستوى البطولة الوطنية ضعيف جدا، لكنه ومع ذلك أصر على مواصلة عملية المعاينة، والاعتماد على مترف ولموشية لا يعني، حسبه، تهميش العناصر التي تنشط في الدوري الجزائري، وتواضع مستواها مقارنة باللاعبين المحترفين، إلا أن ذلك يعود بالدرجة الأولى إلى خيارات لها صلة مباشرة بالخطة التكتيكية المنتهجة. مواجهتا تونس والكاميرون ستوضحان الأمور أكثر خلص حاليلوزيتش إلى القول في هذا الشأن بأن المقابلتين الوديتين ضد تونس والكاميرون تعتبران فرصة سانحة للطاقم الفني لتجريب بعض العناصر التي لم يحالفها الحظ للمشاركة في مباراتي تنزانيا وجمهورية إفريقيا الوسطى، وهذا قبل ضبط التعداد الذي سيخوض كامل المرحلة التصفوية المؤهلة إلى “كان 2013” وكذا مونديال البرازيل، لأن هذا التعداد والذي سيتم ضبطه في منتصف شهر ديسمبر القادم يتشكل من 25 لاعبا من بينهم أربعة حراس مرمى، وهي المجموعة التي ستعمل سويا بإقامة سلسلة من التربصات لمدة ستة أشهر تسبق أول مباراة رسمية في إطار تصفيات المونديال.