حليلوزيتش يحيي آمال عشاق الخضر برؤية الفريق في المونديال - رغم أن المنتخب الوطني سيكون من بين أبرز الغائبين عن النسخة القادمة للكان المقررة بكل من الغابون و غينيا الاستوائية، فإن مؤشرات عودة « الخضر « إلى الواجهة لاحت في الأفق من خلال المردود المقدم في لقاء سهرة الأحد أمام جمهورية إفريقيا الوسطى. فالخضر أدوا أفضل مباراة لهم منذ مونديال جنوب إفريقيا، كما وقف عشاقهم على العمل الذي يقوم به الناخب الجديد حليلوزيتش منذ تعيينه في أواخر شهر جوان الماضي، حيث ترك الأخير بصمته و نجح في إعادة الروح للتشكيلة، فضلا عن تغييره طريقة اللعب، ما انعكس إيجابا على المردود فوق أرضية الميدان. المقابلة الأخيرة و إن خاضتها التشكيلة الوطنية دون حسابات بعد تبخر حلم المشاركة في «الكان» إثر الهزيمة الثقيلة التي منيت بها في مراكش، فإنها أبرزت الكثير من الجوانب الإيجابية التي أعادت بصيص الأمل لملايين الجزائريين في قدرة « الخضر « على تمرير الإسفنجة على « نكسة « الفشل الإقصاء، لأن المنتخب الوطني أحرز فوزا معنويا في لقاء سيطر على جل أطواره، مؤكدا استعادت المجموعة الروح التي افتقدتها منذ مونديال جنوب إفريقيا، و هذا بفضل السياسة التي قرر « الكوتش فاهيد « إنتهاجها، و المبنية على الصرامة في العمل، حيث رفع حليلوزيتش شعار « الانضباط و الصرامة طريق النجاح «، لإيمانه بأن تحقيق النتائج الإيجابية أساسه الانضباط، سواء أثناء المباريات أو خلال التربصات، كخطوة أولى في عملية إعادة البناء، و قضية بودبوز أفضل دليل على ذلك. تغيير الإستراتيجية فك عقدة الهجوم ما جسد نجاح سياسة الناخب الوطني تجاوب اللاعبين مع الطريقة التي اعتمدها، بعد أن ظل ميل الخضر لمدة طويلة نحو الخيارات الدفاعية طيلة عهد الشيخ سعدان وخليفته بن شيخة، و معظم الإنتصارات المحققة في تلك الفترة لم تكن مقنعة، لكن حليلوزيتش غير الاسلوب من خلال الاعتماد على صنع اللعب انطلاقا من وسط الميدان، بالمراهنة على التمريرات القصيرة، و السعي للإحتفاظ بالكرة أطول فترة ممكنة، مع بروز نزعة هجومية رغم ترك غزال كمهاجم وحيد صريح على مستوى القاطرة الأمامية، لكن مساهمة لاعبي خط الوسط كانت فعالة، ما سمح للخضر ببسط سيطرتهم على مجريات اللقاء. لمسة حليلوزيتش و الاحتفاظ ب 8 موندياليين الفوز على إفريقيا الوسطى و إن لم يكن كافيا لتحقيق معجزة التأهل إلى « كان 2012 «، فإنه جعل « الخضر « يضربون عدة عصافير بحجر واحد، لأن هذه المقابلة كانت الأولى للمنتخب الوطني داخل قواعده تحت قيادة حليلوزيتش، بعد الخرجة الأولى بالعاصمة التنزانية دار السلام، و النجاح في إحراز النقاط الثلاث كان بالأداء و النتيجة، بالإضافة إلى بصمة « الكوتش فاهيد « الذي راهن على 8 موندياليين كأساسيين، و يتعلق الأمر بكل من مبولحي، بوقرة، مصباح، قادير، قديورة، يبدة، مطمور و غزال، إلى جانب مهدي مصطفى و بوزيد في الدفاع، و حسين مترف كممثل وحيد للمحليين في التشكيل الأساسي، ما يعني بأن حليلوزيتش لم يحدث ثورة كبيرة بدليل اعتماده على نسبة كبيرة من خيارات سعدان و بعده بن شيخة، لكن التباين كان في الأداء سواء من الناحية الفردية أو الجماعية، والتنويع في اللعب بالاعتماد على الجناحين، ما سمح لمطمور و رفاقه ببسط سيطرتهم المطلقة، خاصة خلال الشوط الأول. أهداف بعد 492 يوما من القحط من جهة أخرى مكنت الخرجة الأخيرة للخضر حليلوزيتش من إحراز النقطة الرابعة في ثاني مباراة رسمية يشرف عليها في التصفيات، و هو ذات الرصيد الذي كان قد أحرزه « الخضر « خلال الجولات الأربع الأولى من المرحلة التصفوية، ما يعني بأن غياب الكرة الجزائرية عن الطبعة المقبلة للكان مرده الانطلاقة الكارثية التي سجلها المنتخب في هذه التصفيات، خاصة التعادل بالبليدة أمام تنزانيا، ثم الانهزام في بانغي، قبل أن تميط فضيحة مراكش اللثام عن الوضع الذي بلغه منتخبنا الذي مثل العرب في المونديال الأخير، كما أن تمكن الناخب حليلوزيتش خلال التربصات الثلاث التي أشرف عليها من الوقوف على النقائص و معالجتها بلمسة المتمرس، بدليل ترتيب الأمور الداخلية وحل إشكالية عقم الهجوم التي لازمت المنتخب منذ فترة طويلة، بتكفل لاعبي الوسط بمهمة هز الشباك و تسجيل هدفين خلال ال 30 دقيقة الأولى. سيناريو لم يكن متوقعا، لأنها المرة الأولى التي يسجل فيها المنتخب ثنائية في الشوط الأول منذ سنتين، و كان ذلك بملعب تشاكر بالبليدة أمام رواندا (تصفيات مونديال 2010)، ليتمكن حليلوزيتش من وضع حد لسلسلة هزائم الخضر خارج الديار، و كذا فك عقدة العجز عن التسجيل بعيدا عن الجزائر، بدليل أن حصاد الهجوم في ظرف 180 دقيقة التي أشرف عليها 3 أهداف، ما يعادل حصيلة المنتخب في 9 مقابلات رسمية متتالية (492 يوما)، بداية بنصف نهائي « كان أنغولا 2010» أمام مصر ، مرورا بلقاءات الدور الأول من المونديال، و وصولا إلى الجولات الأربع الأولى من تصفيات المؤهلة إلى نهائيات الغابون وغينيا الاستوائية. و إنطلاقا من المردود المقدم في آخر مباراة يمكن القول بأن حليلوزيتش أقنع الملايين من عشاق الخضر، والذين استعادوا الأمل بخصوص قدرة المنتخب على رفع التحدي و اقتطاع تأشيرة التأهل إلى مونديال البرازيل، رغم الغياب عن العرس القاري القادم.