الجدل الدائر الآن حول التاريخ عبر كتابة المذكرات يثير العديد من المشاكل بينت إلى حد كبير لماذا سكت واحد مثل سي المبروك (بوصوف) وآخر مثل قاصدي مرباح.. وسكت بومدين حتى مات! كلهم سكتوا عن التاريخ.. لأنهم كانوا يدركون أن نتانة أخطاء الثورة على قلتها ستطغى على بحر من العطور التي أنجزتها الثورة خلال مسارها المنتصر. الناس لا يتذكرون من الناس إلا خطاياهم ولا يتذكرون أبدا محاسنهم. جيل هذا الزمان يعيب على جيل الثورة ذلك الكم من الأخطاء الذي سجله في مسار الثورة.. ولا سيما الأخطاء التي كانت نتيجة صراعات شخصية حول الزعامة والنفوذ.. لكن هذا الجيل ينسى أو يتناسى مناقب هذا الجيل ويذكر فقط مثالبه! ترى كيف انتصر رعاة وفلاحون وشباب بسطاء على جينرالات تخرجوا من "السانسير" ووراءهم تجربة عسكرية تمتد إلى أمجاد نابليون وديغول الذي قهر هتلر! لا تتحدث عن هذا لأنه تحصيل حاصل.. لكن نتحدث فقط كيف استبد هذا أو ذاك بالسلطة وتآمر على رفاقه ليموت قبلهم أو بعدهم أو يقودهم إلى النصر وليس الهزيمة! ذات يوم سمعت بومدين يقول معلقا على فيلم سنوات الجمر للأخضر حمينة "لم تزد على أنك جعلت الجزائري يعذب ويقهر الجزائري وبرأت الاستعمار من دم الجزائري في الجزائر"! تماما هو ما يحدث اليوم بحيث يحاول بعض بقايا الثوار الانتحار بأقلامهم بعد أن استعصوا على الاستعمار خلال الثورة. لا تسألوا لماذا لم يأخذ فيلم "نوة" أو "دورية نحو الشرق" أو حتى فيلم "معركة الجزائر" السعفة الذهبية في كان وأخذها فيلم "سنين الجمر"؟! ببساطة لأن سنين الجمر جعل الظواهر المحدودة التي حدثت في تعذيب الجزائريين للجزائريين من طرف القياد قاعدة أساسية ولم يتحدث عن تعذيب الفرنسيين للجزائريين رغم أنها ظاهرة عامة وهي الغالبة! لهذا سمعت أحد الموالين للطرح الفرنسي يقول: عندما تعترف جبهة التحرير ويعترف قادة الثورة (بجرائمهم) خلال الثورة تعترف فرنسا بجرائم الاستعمار في الجزائر! إلى هذا الحد وصلت المساواة بين الحق والباطل في التاريخ! فكم كان أمثال بوصوف وبومدين ومرباح على حق حين لم يكتبوا؟!