عندما أنهيت قراءة مذكّرات الطاهر الزبيري "نصف قرن من الكفاح" تردّدت في كتابة ملاحظاتي حول الكتاب المذكرات ... لكن الكم الهائل الذي جاء في هذه المذكرات من مغالطات مقصودة وغير مقصودة ضد العديد من الناس وخاصة الأموات منهم .. جعلني أقدم على تسجيل بعض الملاحظات حول المذكّرات ... لعلّها تساهم في تسليط الضوء على الزوايا الباهتة في هذه المذكرات. أولا: المجاهد العقيد الطاهر الزبيري قدّم نفسه في هذه المذكرات على أنه المبتدأ والخبر في الجيش... وما عداه من رفاقه كانوا لا معنى لهم في الواقع ومنهم المرحوم بومدين نفسه..! ولسنا ندري كيف لم يتفطّن سي الطاهر إلى هذه المغالطة، وهو يقدم للناس شهادته على أنه كان لا يمثل شيئا في الجيش رغم أنه رئيس أركان هذا الجيش. وأذكر هنا قضيتين ذكرهما سي الطاهر تدلان على أنه لم يكن رئيس أركان الجيش بالمعنى الحقيقي للكلمة. - قال سي الطاهر في مذكراته: إن شعباني تمرّد على السلطة المركزية للجيش والدولة ولذلك اعتقله بومدين بأمر من بن بلة .. وأن كومندوس قاده بولهويشات كلّف باعتقال شعباني.. وأنه عندما سمع بالأمر أخذ الطائرة وذهب إلى قسنطينة ومنها إلى أريس ثم بسكرة لتحذير شعباني مما ينتظره .. ولكن لما وصل وجد شعباني قد اعتقل وانتهى الأمر ..! والسؤال هنا كيف لقائد الأركان أن يتحرك الكومندوس بدون إذنه ويذهب هو خفية لتحذير من يتحرك الكومندوس لاعتقاله؟ دون أن يحس هذا القائد بأنه يحتل مكانا ليس له فيه قيمة؟! - قال سي الطاهر أيضا إنه لما أحس بخطورة بومدين عليه ذهب إلى الليدو عند قائد وحدة المدرعات (صهره) وأن بومدين سعى لإخراجه من هناك باعطائه الأمان..! وقام بومدين ينقل وحدة المدرعات هذه إلى الشلف مع بقائها تحت إمرة صهره حواسنية .. ثم يقوم بعد ذلك بأيام بتحريك الوحدة المدرعة من الشلف باتجاه العاصمة لاحتلالها..! ولم يتساءل سي الطاهر .. كيف تتحرك وحدة تدين بالولاء له ولا يعلم وهو قائد الأركان للجيش ويهدد في رأس الدولة بعزله عسكريا؟ أية علاقة للسي الطاهر بالجيش وحالته هذه ؟! وأية قيمة له داخل المؤسسة العسكرية وهو آخر من يعلم حتى في المسائل التي تخصه؟! - هل يعقل أن يعطي قائد الأركان أمرا لوحدة مدرعات (دبابات) بالتوجه من الشلف إلى العاصمة وعلى مسافة 200 كلم دون حاملات الدبابات ؟! هل من يتخذ مثل هذا القرار العسكري يستحق أن يكون قائد أركان الجيش؟! وإذا كان سي الطاهر (أحسن المجاهدين) عسكريا هذا هو محتواه العسكري أوليس بومدين إذن على حق حين أسند تنظيم الجيش الى ضباط فرنسا ؟! شخصيا كنت من الذين يعتبرون تعامل بومدين مع ضباط فرنسا من الأخطاء، لكن كتاب سي الطاهر جعلني أراجع هذه المسألة..! - كيف يفسّر سي الطاهر موقف بومدين منه ومن جماعته وهو الذي قاد تمردا عسكريا مات فيه العشرات وجرح المئات .. ولم يعدم بومدين أي واحد من المتمردين في حين ما سمي بتمرد شعباني الذي لم تسل فيه قطرة دم واحدة (في حدود علمي) كلف شعباني حياته وأعدم في وقت عرفنا فيما بعد بأن بومدين كان يبعث للطاهر الزبيري في المنفى أجرته وزيادة حتى لا يقع تحت تأثير الأجانب؟! إنها تساؤلات لعلّها مشروعة .. خاصة بالنسبة للجيل الجديد الذي لا يعرف شيئا عمّا حدث؟! ثانيا : سي الطاهر في مذكّراته ركز على أنه ثار ضد بومدين بسبب الحكم الفردي وتقريب ضباط فرنسا منه .. وهذه المسألة تثير العديد من الأسئلة منها : - بومدين بدأ بتقريب ضباط فرنسا منه وهو في الحدود الشرقية رئيسا للأركان ... فلماذا لم يقف ضده سي الطاهر قائد الولاية الأولى عام 1962. بل وتحالف معه للإطاحة بالولايات الأخرى (الثانية والثالثة والرابعة)؟ ولماذا قبِل العمل معه كقائد للأركان وهو وزير الدفاع ...! بل وتحالف معه للإطاحة ببن بلة ... وهو الذي أعلن أنه بفضل العمل بضباط فرنسا في المؤتمر الثالث لجبهة التحرير الذي عقد عام 1964 بسينما الماجيستيك؟! فلماذا تحالف سي الطاهر مع بومدين وضباط فرنسا ضد بن بلة الذي أعلن أنه ضد ضباط فرنسا في الجيش..؟! نريد أن نفهم ؟! لماذا قبل سي الطاهر أن يعينه بن بلة قائدا للأركان وبومدين خارج الوطن ثم ينقلب عليه مع بومدين بتهمة الحكم الفردي؟! يبدو أن المسألة لها علاقة بأشياء وأسباب أخرى غير التي ذكرها سي الطاهر ولم تكن لسي الطاهر الشجاعة الكافية لذكر هذه الأسباب ... ومنها مثلا أنه أحس أن بومدين سيبعده من رئاسة الأركان لأنها أكبر منه ..أو أنه كان سي الطاهر ضحية لتضليل من المناوئين لبومدين .. خاصة وأنه قال ذات يوم في تصريح نشر بإحدى الجرائد الوطنية : إن ضباط فرنسا هم الذين دفعوه للإنقلاب على بومدين .. لأنه أعلن نيته في تعريب البلاد؟! ثالثا: سي الطاهر نسب لنفسه أيضا مسألة الأزمة في مجلس الثورة في حين أن العام والخاص (الأحياء والأموات) يعرفون بأن أزمة مجلس الثورة فجّرها منجلي وحده، وأن سي الطاهر لم يتحدث حتى في النقاش الذي فجّره منجلي في مجلس الثورة.. وأن علي منجلي هو الذي واجه بومدين وجماعة وجرة في مجلس الثورة لوحده .. وأن أعضاء مجلس الثورة من المجاهدين تضامنوا مع منجلي ولم يكن من بينهم الطاهر الزبيري .. وأن بومدين وقائد أحمد وبوتفليقة هم فقط الذين واجهوا منجلي في آخر اجتماع لمجلس الثورة..! - أيضا سي الطاهر نسب لنفسه مسألة السعي لعقد مجلس الثورة يحضره منجلي ... والحقيقة أن منجلي هو الذي رفض الحضور في أي اجتماع لمجلس الثورة بعد المعركة مع قائد أحمد وأن بومدين ذهب عدة مرات لمنجلي في بيته بالأبيار لإقناعه بالحضور في اجتماع مجلس الثورة ولكنه رفض.. وقد يكون بومدين قد تأثر بانسحاب العديد من أعضاء مجلس الثورة تضامنا مع منجلي .. ولم يكن سي الطاهر من بينهم. نعم قد يكون سي الطاهر قد ضغط من أجل عقد مجلس الثورة لمساعدة بومدين وليس لمساعدة منجلي كما ادّعى ..! والأكيد أن ما جرى في آخر اجتماع لمجلس الثورة بين جماعة وجدة بقيادة بومدين ومنجلي قد يكون مسجلا بالصوت على الأقل .. وفيه الحقيقة مغايرة تماما لما ذكره سي الطاهر! - ذكر سي الطاهر أيضا بأنه هو من اقترح منجلي لعضوية مجلس الثورة ولا يمكن لأي عاقل أن يتصور ذلك ..لأن علاقة منجلي ببومدين لا تسمح بأن يتدخل فيها أمثال الزبيري..! وأذكر أن سي علي قال لي بعظمة لسانه بأنه أخبر بالانقلاب من بومدين نفسه وليس أي شخص آخر ... وأن الأمر تم بعد حدوث الانقلاب.. لأن بومدين كان على خلاف مع علي منجلي حول مسألة حل قيادة الأركان بعد انتخاب بن بلة رئيسا : حيث قال بومدين لمنجلي: إن بن بلة "زعيم" وعلينا أن نسير خلفه ونضع الجيش تحت تصرفه .. في حين كان منجلي لا يريد لبن بلة أن يتدخل في شؤون الجيش. ولهذا انسحب منجلي من الجيش وذهب إلى المجلس الوطني لأن بومدين اختار السير مع بن بلة كزعيم..هذه شهادة سمعتها من فم المرحوم منجلي. سي الطاهر قلّل أيضا من قيمة منجلي عندما وصفه بالرائد الذي يجب أن يحترم العقيد! لأن سي الطاهر كان عقيدا في حين كان منجلي رائدا! لكن لم يقل لنا سي الطاهر متى حصل سي علي منجلي على رتبة رائد ومتى حصل سي الطاهر على نفس الرتبة؟! في سنة 1999 ذهبت رفقة العقيد عبد الواحد بوجابي لعيادة سي علي منجلي في مستشفى عين نعجة، وعندما قدّمت بوجابي لسي علي قال له بوجابي: أنا أعرفك يا سي علي وأنت لا تعرفني، فقد كنت بين مجموعة الجنود في غار ديماو عندما صفعت الضابط إيدير حتى طارت قبعته بحضور كريم بلقاسم وزير القوات المسلحة آنذاك.. ضحك سي علي ثم اعتدل في سرير المرض.. وقال لنا: تلك الصفعة التي أعطيتها للضابط إيدير كانت السبب في حل مشكل عويص للثورة الجزائرية؟! فقلت أنا لسي علي لم أفهم كيف تحل مشكلا للثورة بضرب ضابط هو الكاتب الخاص لوزير الدفاع وأمين سره؟! فقال سي علي منجلي: كنا نود الذهاب إلى القاهرة لعقد الاجتماع الوطني للمجلس الوطني للثورة.. وكان علينا أن نعيّن من يخلفنا على رأس الجيش في الحدود.. وأراد كريم بلقاسم أن يفرض على رأس الجيش الضابط إيدير لأسباب تتعلق بالثقة فيه من جهة ومن جهة أخى أراد أن يقوي شوكة ضابط الولاية الثالثة على حساب الولاية الأولى والثانية اللتان يتكون منهما جل جيش الحدود... وعندما قلنا لكريم بأن إيدير لن يقبله ضباط وجنود الجيش في الحدود كقائد لهم في غيابنا... وعندما أصرّ كريم على تنصيبه بالقوة صفعته أمام حفل التنصيب أمام الجنود حتى يصبح حاله غير قابل لأن يكون قائدا.. وهو بالفعل ما حدث حيث عيّن غيره على رأس جيش الحدود في غيابنا! وبهذه الصفعة تم حل المشكلة..ولو عين إيدير كما كان يريد كريم لوقعت مشاكل في الجيش خلال غيابنا.. هذه الشهادة سجلتها بحضور العقيد بوجابي عبد الواحد وما يزال حيا، هل يمكن أن نتصور سي الطاهر يقول لمنجلي أنا أكثر منك رتبة فيجب أن تستعد أمامي.. وهو الذي فعل بإيدير أمام كريم وما أدراك ما كريم ما فعل؟! وهو الذي فجّر مجلس الثورة وقال لبومدين في ذلك الاجتماع لمجلس الثورة "تزيد تفتح فمك بكلمة أسحب منك الثقة؟! رابعا: بالإضافة إلى هذه الملاحظات، هناك أيضا ملاحظات جزئية رأيت أن أجملها فيما يأتي: في الصفحة السادسة من المذكّرات قال سي الطاهر: عدد الجنود الفرنسيين سنة 1955 كان 850 ألف جندي... والحقيقة أن هذا الرقم وصل إليه الجيش الفرنسي في نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات وليس في بداية الثورة. وقال أيضا إن الثورة اندلعت في كامل التراب الوطني (ص8) وهذا أيضا غير صحيح. وقال: إن بن بولعيد تنازل لبوضياف عن مسؤولية المنسق العام للثورة.. هذا الكلام لم يسنده سي الطاهر لأي مصدر حتى نصدقه (ص9) خاصة وأنه لم يكن من جماعة الستة أو جماعة (22)! وذكر سي الطاهر أيضا أن بومدين أرسل بوتفليقة إلى بوضياف في السجن (ص12) ولكنه لم يقل لنا كيف تم ذلك دون علم المخابرات الفرنسية بالأمر؟! ووصف ما قام به شعباني بالتمرد وما قام به آيت أحمد بالمعارضة المسلحة، ولكنه لم يذكر لنا وصف ما قام به هو في العفرون ولماذا عوقب شعباني بقسوة ولم يعاقب هو وآيت أحمد (ص17)؟ قال سي الطاهر إن بن بلة هو من تلى بيان أول نوفمبر في القاهرة (ص26) هذا الكلام غير صحيح وإذا كان صحيحا فبأية لغة ألقاه؟! لكن الأكثر من هذا كله أن سي الطاهر قال: إنه اعتقل بوضياف في المسيلة سنة 1962 دون علم بومدين وبن بلة! هل هذا يمكن أن نتصوره!؟ قال سي الطاهر: إن بومدين رفض تعيين شعباني في قيادة الأركان لأن ضباط فرنسا لا يقبلونه (ص37) ولم يقل لنا لماذا قبل ضباط فرنسا بالزبيري وهو يدّعي أن خلافه مع بومدين كان بسببهم؟! الطريف في الأمر أيضا أن قائد الأركان للجيش الجزائري حسب الزبيري تلقى خبر إعدام شعباني من الصحافة المصرية، وهي حالة مضحكة تشبه الحالة التي قال فيها الزبيري إن معزة تعجبت من نوم قائد الأركان للجيش تحت قنطرة في تبسة! وقد يكون قائد أركان الجيش قد تعجب منه عتروس وليس عنزة.. لأن التعب قد يكون جعله لا يفرق بين العنزة والعتروس! (ص 339)! في الصفحة 81 قال الزبيري: التصحيح الثوري الذي قدته مع بومدين في 19 جوان 1965! هل تصدقون هذا الكلام.. والحال أن بومدين جعل من الزبيري مجرد ضويبط كلفه باعتقال بن بلة! وليته قال لنا حقيقة ما دار بينه وبين بن بلة عند اعتقاله.. وقد حكى لنا بن بلة ذلك ونفضل أن يذكر هو نفسه هذه الشهادة! ومن حق العتروس أن يتعجب من وجود قائد أركان الجيش نائما تحت قنطرة وهو الذي شبه معركته في العفرون ضد بومدين بمعركة نابليون ضد الروس. قال الزبيري أيضا إنه رفض قبول دراية ومساعدية وقنز في مجلس الثورة والحال أن دراية كان عضو مجلس الثورة! وأنه تصرف معه بومدين كمسؤول وأسند له مسألة استبدال الحراسة بالعسكر في حين تصرف مع الزبيري على نحو آخر لا يدل على أنه يحترمه كقائد أركان! (ص 115)! لكن المضحك فعلا هو ما رواه الزبيري عن قول أحد المشاركين في العرض العسكري في أول نوفمبر من أنه كاد أن يقذف المنصة التي بها بومدين في العرض العسكري بقذيفة مدفعية؟! وأن الزبيري حذره من ذلك؟! هذه الصورة مستوحاة من حادثة المنصة المصرية ضد السادات والتي حدثت بعد انقلاب الزبيري بأكثر من 20 سنة! هل هذه تعد شهادة يعتد بها؟! (ص 203). والمضحك أكثر أن سي الطاهر أعاد فشل انقلابه ضد بومدين إلى ما أسماه بالظروف المناخية وشبّه نفسه بنابليون الذي هزمته الثلوج في روسيا البيضاء! لكن المضحك أكثر أن سي الطاهر قال لولا أزمتي مع بومدين لكنت المرشح رقم واحد لخلافة بومدين بعد وفاته؟! (ص 339)! صدقوا أولا تصدقوا! والخلاصة: أن الكتاب ممتع للقراءة كرواية خيالية لبطل رامبوي لا علاقة له بواقع الأحداث في جوانب عديدة. ويمكن أن نسجل هنا أيضا أن الشهادة التي قدمها سي الطاهر بخصوص مطاردة رجال الأمن له في جبال الأوراس شهادة تحتاج إلى تمحيص وقد لا تكون حقيقية.. ومنها مثلا أنني سمعت العقيد أحمد بن شريف قائد الدرك الوطني ذات يوم يقول: إن مصالح الأمن كانت على علم تام بكل خطوة خطاها سي الطاهر الزبيري في الأوراس من أجل الهروب إلى تونس.. وأن مصالح الأمن وبأمر من بومدين كانت لا تريد إلقاء القبض عليه لتسهيل مهمة الهروب.. ربما لأن بومدين كان لا يريد أن تتكرر مع سي الطاهر ما حدث مع شعباني.. وأن أفضل علاج لمشكلة سي الطاهر هي خروجه من الوطن وليس سجنه أو حتى إعدامه! هذه الرواية تجد تأييدها فيما قاله سي الطاهر نفسه فيما بعد حين قال: إن ضابطا من المخابرات اتصل به في سويسرا وقدم له مالا ورفض أخذه منه! وتقول رواية أخرى إن بومدين كان يرسل لسي الطاهر أموالا عبر معارفه حتى لا يقع ضحية للأجانب. رواية بن شريف هذه تجد مداها في ما رواه بورقيبة فيما بعد من أن بومدين رفض استبدال سي الطاهر ببن صالح.. فلو كان بومدين يريد رأس سي الطاهر لما رفض عرض بورقيبة هذا! وعلى كل حال فإن سي بن شريف ما يزال حيا ويمكن أن يدلي بشهادته في هذا الموضوع، كما أن رفض بومدين إعدام رفقاء سي الطاهر في واقعة العفرون يدل أيضا على أن بومدين تصرف مع مجموعة سي الطاهر على نحو مختلف عن تصرفه مع مسألة شعباني.. وقد يدل على أن هناك كيل بمكيالين عند بومدين بخصوص التمرد داخل الجيش.. وقد يكون بومدين قد تصرف مع سي الطاهر من خلفية أنه وقف معه ضد الحكومة المؤقتة مرتين وقد يكون ما حصل لشعباني ليس بيد بومدين. وعلى أية حال، فإن ما ينشر من مذكرات يدل على أن بومدين هو وحده من كانت له خطة لبناء الدولة.. فقد طبق برنامج طرابلس في شقه الاقتصادي ومشروع قسنطينة.. ولكنه في الجانب السياسي الذي لم يتم الاتفاق عليه في طرابلس قام بومدين بتأجيله إلى السبعينيات.. ولكن الموت باغته. همّ بومدين كان بناء دولة قوية لا تتعرض للحڤرة مرة أخرى سواء من الجيران خلف البحر أو جيراننا في البر وقد أنجز ذلك ولم تتعرض الجزائر لأية حڤرة بعد حرب الرمال في 1963. ولولا متانة الدولة التي بناها بومدين لازالت من الوجود أمام أزمة الثمانينيات والتسعينيات مثلما حدث في ليبيا.