انتقدت الشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان النظام القضائي الجزائري، ووصفته ب”المتناقض والذي لا يحترم الحقوق المكفولة بالدستور كالاستقلالية والنزاهة”، وشككت في استقلالية المجلس الأعلى للقضاء، واتهمت الحكومة بجعل البرلمان والعدالة تحت مراقبتها المطلقة. أكد التقرير الأخير الصادر عن الشبكة الاورومتوسطية لحقوق الإنسان، نهاية أكتوبر الماضي، أنه على أرض الواقع وفي الممارسة الميدانية ليس هناك أي احترام فعلي للحماية والاستقلالية التي يوفرها الدستور للعدالة، وقالت إن مشروع قانون المحاماة أكبر دليل على ذلك، لأنه يجسد حالة الانحدار وينتقص من حقوق الدفاع بشكل كبير جدا. ودعت الشبكة الاورومتوسطية لحقوق الإنسان إلى السحب الفوري للمشروع، لأنه يتعارض مع حقوق الإنسان وخاصة مع نص المادة 33 من الدستور، لأنه يؤثر على حصانة الحجة المقبولة دوليا كحق من حقوق محامي الدفاع خلال الجلسة، حيث تحرمه الحرية الكاملة من التعبير. ووصفت الشبكة مشروع قانون المحاماة ب “حجر عثرة” في نظام قضائي مستقل ونزيه، كما استبعدت “أن تكون العدالة مستقلة ونزيهة مادام يتحكم فيها أصحاب النفوذ ورجال السياسة الذين يحرصون على مصالحهم”، وانتقدت الشبكة الأوروبية سيطرة السلطات العمومية على القضاء، وذهبت لحد التشكيك في مصداقية استقلالية المجلس الأعلى للقضاء، تقديرا منها أنه لا يتمتع بالاستقلالية ويعمل تحت الوصاية المباشرة لوزارة العدل، كما أن الأعضاء الذين يمثلونه يعينهم رئيس الجمهورية. وتأسفت الشبكة في شكل تساؤل عن الحلول الممكنة بالجزائر، وقالت “إن الإصلاحات كتلك التي أعلنت عنها السلطات الجزائرية لن تكون كافية” وأكدت أن “تحديث أو عصرنة النظام القضائي الجزائري لمحاولة جعل المساس بمبدأ استقلالية القضاء سيكون أمرا سهلا، ويمكن تغطيته أو تصحيحه بالإصلاحات المرتبطة بالتكوين وتوظيف قضاة وتشكيل المجلس الأعلى للقضاء“. وعلى هذا الأساس استبعدت الشبكة إجراء أية إصلاحات نوعية خارج الحفاظ على مبدإ استقلالية القضاء، وأكدت أن المساس بهذا المبدأ هو انحراف بعينه. واستبعدت الشبكة أن تكون الإصلاحات المعلن عنها في إشارة إلى مشروع قانون المحاماة تساهم بأي شكل من الأشكال في تعزيز مبدأ استقلالية القضاء، مادامت لا تحقق مبدأ الفصل بين السلطات، وأضافت أنه على الرغم من أن مبدأ الفصل بين السلطات مكرس في الدستور إلا أنه يداس. وأفاد تقرير المنظمة الحقوقية أن “السلطات التنفيذية في الجزائر لم تعجز عن جعل كل من البرلمان والعدالة خاضعين لمراقبتها التامة”. وخلصت الشبكة الاورومتوسطية لحقوق الإنسان للقول، إن ما يحدث في الجزائر هو مجرد ديمقراطية واجهة، ترمي لحفاظ السلطة على مكانتها لا أكثر. وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن مشروع قانون المحاماة المثير للجدل أثار حفيظة المحامين و جعلهم يدخلون في إضراب لعدة أيام بسبب التضييق الذي ورد في نص المشروع، حيث ينتقص من حرية الدفاع في جلسات المحاكمة ويجعل المحامي وسيلة في يد القاضي ورهينته، فضلا عن هذا تحفظ المحامون عن ورود وزير العدل في جميع المواد المتضمنة في المشروع، وإمكانية طعن الوزير في أي قرارات تتخذ خلال الجمعيات العامة للمحامين والحكم عليها بالبطلان.