حذر والي ولاية الجلفة، أبوبكر الصديق بوستة، المدراء التنفيذيين والمنتخبين من اتخاذ قرارات ارتجالية وفردية قد تساهم في إعاقة مسار التنمية في الولاية بدل دفعه إلى الأمام، وانتقد ما سماه منهجية العمل بين المنتخبين والمدراء التنفيذيين من خلال اعترافه بوجود إشكالية في منهجية العمل بين الهيئة التنفيذية والهيئة المنتخبة، في إشارة الى المجلس الشعبي الولائي. جاء ذلك في سياق أشغال الدورة العادية للمجلس الشعبي الولائي بالجلفة المنعقدة في بداية الأسبوع، والتي خصص جانب مهم منها لمناقشة برنامج الكهرباء الريفية للخماسي 2010 /2014. وقد شهدت جلسة النقاش حول الملف جدلا واسعا، حيث أجمع أعضاء المجلس الولائي على ضعف الحصة المخصصة للولاية في مشاريع الكهرباء الريفية، واتهم البعض الوصاية أنها لازالت تتعامل مع الولاية على أنها منطقة رعوية وتناست - حسبهم - أنها ولاية مليونية والرابعة وطنيا من حيث الكثافة السكانية، إلى جانب شساعة مساحتها.. وهما المعياران اللذين طالب أعضاء المجلس بضرورة أن تقيم الوصاية على أساسهما قيمة وكمّ المشاريع المخصصة الولاية في كل القطاعات وليس في مجال الكهرباء الريفية فقط. وكانت حدة النقاش اشتعلت حين برز، حسب أعضاء المجلس، التناقض الواضح بين تقرير اللجنة المشتركة وتقرير مديرية الطاقة والمناجم عن احتياجات مختلف مناطق الجلفة الريفية من الكهرباء الريفية، واتهم في ذات السياق أعضاء المجلس مدير الطاقة والمناجم بعرقلة سير تغطية المناطق الريفية بالكهرباء بمخالفته توصيات اللجنة المشتركة التي تضم ممثلا عن مديرية الطاقة إلى جانب ممثل عن المجلس الولائي ورؤساء البلديات والدوائر. وردا على هذه الإتهامات قال مدير الطاقة، في ذات الجلسة، أنه اعتمد في إعداد مقترحات بالمناطق المراد تغطيتها بالكهرباء الريفية بناء على معطيات استقاها من رؤساء البلديات، كما اعتبر أن المناطق ذات الأولوية في التغطية بالكهرباء هي المناطق التي لم تستفد أصلا من الكهرباء.. قول سانده والي الولاية في تدخله، إلا أن أعضاء المجلس الولائي اعتبروا من غير المنطقي حرمان منطقة استفادت سنوات الثمانينيات أوالتسعينيات من الكهرباء من هذه المشاريع، وقد أصبحت الآن تجمعات سكنية كبيرة وجب على السلطات المعنية الإلتفات إلى حاجتها الملحة للكهرباء وإعطاء الأولوية للمراكز ذات الكثافة السكانية الأكبر. كما شدد أعضاء المجلس على ضرورة التنسيق بين كل الأطراف المعنية ربحا للوقت وحفظا للمال العام. من جهة ثانية انتقد أحد الأعضاء بشدة إسناد أشغال برنامج الكهرباء الريفية لمؤسسة واحدة هي”كهريف”، متهما إياها أنها تتسبب دائما في التأخير الذي يِؤدي إلى تقليص مسافة الخطوط ويهدر المال العام، وذلك بإنشغالها بمشاريع أخرى في ولايات أخرى، وهو ما اعتبره إجحافا في حق الولاية ومواطنيها. اعتبر، في السياق ذاته، أعضاء آخرون أن سبب التأخير في مسار التنمية في الولاية عموما، وفي ملف الكهرباء الريفية خصوصا، هي المركزية في القرارات من جانب المديريات الجهوية، وهو ما لا يترك مجالا أوسع لحرية اتخاذ القرار من طرف المدراء الولائيين، واتهم هؤلاء الأعضاء المديريات الجهوية بتعمد التعامل بطريقة مريبة مع المشاريع المخصصة لولاية الجلفة.. وفيما أعطى بعض النواب شرحا لمآسي ومعاناة بعض المناطق الريفية من ولاية الجلفة وحاجتهم إلى الكهرباء الريفية بغرض توطينهم في تلك المناطق ودعم مسار التنمية الريفية المقررة من طرف الدولة، جاء في النقاش أن التعطلات التي يشهدها الملف نتاج انعدام التنسيق بين مختلف الهيئات المعنية إلى تراكمات العهدات السابقة. كما اعتبر البعض أن سنوات الأزمة أسهمت كثيرا في تلك التراكمات التي عطلت كثيرا مسار التنمية الريفية في الجلفة بسبب النزوح الكبير لسكان الأرياف باتجاه المدن. وأجمع المتناقشون على أن حصة الولاية ضئيلة جدا مقارنة بولايات أخرى أقل مساحة وسكانا، كما اعتبرت التوسعات التي شهدتها مختلف المراكز والمناطق الريفية أسهمت أيضا بشكل كبير في خلق مشاكل تقنية لمسار تغطية تلك المناطق بالكهرباء. وطالب عضو بالمجلس مدير الطاقة والمناجم بضرورة إعداد خارطة لاحتياجات الولاية من الكهرباء الريفية بالكيلومتر وفق وجهة نظر إدارية، على غرار التقرير الذي أعدته اللجنة المشتركة، وأرجع هذا الأخير التأخر المسجل في بعض جوانبه إلى اعتراضات المواطنين في بعض المناطق على أشغال توصيل الكهرباء، وفي هذا أكد والي الولاية أن الإدارة ستحيل أمر هؤلاء إلى العدالة ليأخذ القانون مجراه. وأكد مدير الطاقة والمناجم أن ولاية الجلفة محظوظة باعتبارها استفادت مما قدره 3826 كم من خطوط الكهرباء الريفية وربط ما يقارب 32 ألف ساكن بهذه المادة الحيوية. وانتقد المتحدث اعتبار إسناد الأشغال لمؤسسة “كهريف” احتكارا، حيث رافع لصالح المؤسسة معتبرا إياها ذات كفاءة عالية، أما مسألة إسناد الأشغال إليها فذلك - حسب المتحدث - يخضع لقانون الصفقات العمومية وليس لشيء آخر.. في سياق آخر، كان رئيس المجلس الشعبي الولائي، في الجلسة الأولى من دورة المجلس العادية، قد اتهم أطرافا مجهولة بعرقلة مسار التنمية في الجلفة، وهي الأطراف التي كانت حسبه تستفيد من ريع المشاريع عن طريق التراضي أو دفتر الشروط المحبوك على حد تعبيره، كما اتهم بعض المديريات التنفيذية ببقائها دون المستوى المطلوب في مسار خدمة المواطن، وهو ما سبب زيادة حدة الإحتقان وأدى به للخروج إلى الشارع في أغلب الأحيان، وهو ما يدعو إلى ضرورة تجسيد محاربة الفساد عن طريق تفعيل آليات الرقابة، والدعوة إلى مزيد من الإصغاء إلى المواطنين وفتح قنوات الحوار.