قدم الدكتور ناصر جابي، عشية أول أمس، كتابه الجديد ”الوزير الجزائري أصول ومسارات”، وطرح من خلال المحاضرة التي نشطها إشكالية الدراسات التي تناولت النخبة الجزائرية والتي قال إنه يشوبها الكثير من التشويه والتلاعب بالحقائق، واصفها إياها أنها بحوث قدمت تاريخا مزورا للجزائريين. اللقاء الذي جمع الدكتور ببعض المهتمين، الطلبة وكذا الأسرة الإعلامية، استعرض أيضا بعض الدراسات التي قدمها هذا الأخير وتناولت بعض الأسماء من النخبة الجزائرية، انطلاقا من دراسته الأولى حول النخبة النقابية الجزائرية التي أصبح لها دور من خلال التجربة النقابية المستقلة، تلتها الدراسة التي قدمها باللغة الفرنسية التي خصها لمقابلة مع قايدي لخضر، تتبع فيها مسار الرجل وتوقف عند أهم محطات حياته. كما تحدث عن دور ولاية ميلة وما قدمته من أسماء نخبوية تركت بصمتها في تاريخ الجزائر، أمثال عبد الله بن طوبال، بوصوف، امبارك الميلي وغيرهم، وصولا إلى سنوات التسعينيات أين تغير مسار الدكتور وأصبح أكثر شمولية، حيث عرج إلى الاهتمام بالنخب وذلك لقلة الدراسات التي تناولتها، والتي اعتبرها الدكتور دراسات خاطئة ومنهجيتها مشكوك فيها لأنها بنيت عن العنعنة والروايات ولم تعتمد المقابلات المباشرة. من جهة أخرى، قال جابي إن التهميش الذي يدعيه بعض الباحثين والمفكرين ليس صحيحا وإنما أفرزه الصراع داخل النخب المركزية واللامركزية، وتطرق جابي الى المفارقة الموجودة في منح الأدوار النخبوية، حيث تمنح بعض الأدوار لأشخاص لا تتوفر فيهم المواصفات اللازمة في الوقت الذي يستبعد البعض الآخر، رغم احتكامه على المؤهلات الكافية لتوليه منصب مرموق قد يفلح في تسييره أفضل من غيره، مشيرا إلى أن الوزير الجزائري تدهورت مكانته في الوسط الاجتماعي، وهو ما يعكس تدهور أوضاع الجزائر، معتبرا أن دراسة السير الذاتية وتتبع مساراتها هي دراسة للتاريخ الجزائري لأنها تتناول تطورات المجتمع الجزائري على جميع الأصعدة السياسية، الاجتماعية والاقتصادية. وأضاف أن مسألة أن الاستعمار كان قطيعة والاستقلال أيضا خطأ كبير. وبالحديث عن مؤلفه قال إن الدراسة أثبتت أن 18 ولاية جزائرية لم تقدم ولا وزير، وتوزع وزراء الولاياتالشرقية الذين بلغ عددهم 39 وزيرا على 11 ولاية، فيما احتكرت تلمسان تمثيل الجهة الغربية من الوطن ب12 وزيرا. وقال إن حزب الأحادية الوزارية لم ينتج قيادة نخبوية على عكس الإعلام والمؤسسات الصناعية الكبرى، مثل سوناطراك، التي قدمت نخبة وزارية. وبخصوص تمثيل المرأة في الحقائب الوزارية الذي بدأ مند 1982، قال إن هذا التمثيل سيطرت عليه الحقوقيات، غير أن المرأة لم تخرج عن الأدوار التقليدية القريبة إلى الأدوار الاجتماعية مثل الثقافة والأسرة، لكنه لم ينف التأهيل العالي للمرأة الجزائرية. للإشارة كتاب ”الوزير الجزائري أصول ومسارات” هو آخر إنتاج للدكتور ناصر جابي، صادر عن دار الشهاب، وتناول مسار 150 وزير جزائري، وهو الجزء الأول من الدراسة التي استغرقت جهد مدة 15 سنة من العمل، في انتظار الجزء الثاني الذي سيصدر خريف السنة المقبلة.