البرلمان ناقش الإصلاحات التي حولها له الرئيس.. والبرلمان أفرغ هذه الإصلاحات من محتواها! والرئيس قد يلجأ إلى قراءة ثانية لهذه القوانين لتجاوز ما أحدثه النواب من إفسادات للإصلاحات؟! لا أكاد أصدق أن النواب ضد الإصلاحات بهذه الصورة.. وأن الرئيس يريد الإصلاح وأن النواب يدافعون عن الفساد السياسي في البلاد! أفضل أن يقال: إن النواب جهلة ولم يفهموا إصلاحات الرئيس على أن يقال: إن النواب ضد إصلاحات الرئيس!؟ هل يعقل أن تكون الإصلاحات إصلاحات إذا عارضها النواب؟ وهل يعقل أن تكون إصلاحات الرئيس مقلقة للنواب؟ والحال أن هذه الإصلاحات الرئاسية ينبغي أن يدعمها ويطورها النواب ولا يفرغونها من محتواها إلى درجة أنها تحتاج إلى قراءة ثانية كما تقول حنون؟! قد يقول قائل إن نواب التحالف يريدون الإبقاء على حالة الفساد السياسي التي استفادت منها أحزابهم.. واستفادوا هم أيضا منها! لكن هل يجرؤ هؤلاء على النظر في وجه الرئيس.. ولا أقول رفض إصلاحاته أو تعطيلها؟! بعضهم قال: إن الرئيس عل حق حين رفض أن ينزل إلى البرلمان ليتناول الكلمة أمامه كما ينص على ذلك الدستور.. لم يفعل ذلك ولا مرة واحدة.. والحالة الوحيدة التي خاطب فيها البرلمان هي تعديل الدستور في 2008 بواسطة البرلمان! ولم يحدث أن احتاج الرئيس إلى البرلمان ولا مرة واحدة.. فكيف يحتاج إليه اليوم كي يمرر الإصلاحات ويعارضه النواب؟! أغلب الظن أن حكاية الإصلاحات نفسها فيها قولان.. فلو أراد الرئيس إصلاحات بلا وجع الرأس.. كان بإمكانه تمريرها عبر مراسيم.. كما فعل ذلك بإصلاحات التربية والإدارة. البرلمان الذي أتت به السياسة الفاسدة والأحزاب المفسدة والمال الفاسد.. لابد أن يكون برلمانا ضد الإصلاح حتى ولو كان هذا الإصلاح له صفة الاحتشام.. إصلاح يحافظ على مكاسب الأحزاب المتحالفة.. والنواب المتحالفين! وطرح مثل هذه القضايا الآن يدل على أن الإصلاح الحقيقي هو إعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس أخرى غير هذه التي أتت بمثل هذا الفساد السياسي والبرلمان.. ويبدو أن الطريق إلى ذلك ما يزال طويلا كي تفهم الجزائر بأن مؤسساتها الدستورية القائمة ليست بمستوى تطلعات الشعب في بناء الدولة؟