كثيرا ما تسجل ولاية باتنة احتجاجات مواطنين على التذبذب في التزود بالمياه الشروب وينقلون معاناتهم إلى مصالح الجزائرية للمياه في شكل شكاوى شفهية وكتابية، غير أن هذه الأخيرة نقلت خلال اليومين الماضيين “الاحتجاج” إلى جناحها وكشفت عن فواتير ضخمة لم تسدد منذ سنوات طويلة جراء تماطل وامتناع المواطنين عن تسديد مستحقات المؤسسة، فضلا عن الاستغلال غير القانوني للمياه، ما يكلفها خسائر معتبرة سنويا، ويتسبب في تذبذب المياه على مستوى الكثير من التجمعات السكنية والبلديات وحتى داخل عاصمة الولاية. وقد أكدت مصادر من المؤسسة أنها منحت تسهيلات كثيرة للمواطنين من أجل تسديد ما عليهم، غير أن ذلك لا يأتي غالبا بأية نتيجة، ما جعلها تلجأ إلى العدالة كحل نهائي، وتعتزم تقديم أزيد من 6 آلاف ملف أمام المحكمة للفصل فيها. ولعل اللافت في القضية أن هناك فواتير مؤرخة منذ 24 سنة لم تسدد بعد، وتطرح تساؤلات عن صمت الإدارة المختصة طوال هذه المدة رغم أنها تؤكد أن المبلغ الإجمالي جاوز ال 150 مليار سنتيم ستضطر لاستيفائه عن طريق المحاكم بعد فشل الحلول الودية. وما زاد من حدة سرقات المياه هو قيام الفلاحين في العديد من المناطق باستخدامها في السقي والأعمال الفلاحية الأخرى مثل ملء الأحواض الاصطناعية دون أن يحصلوا على المياه بطرق قانونية، لا سيما إذا كانت القنوات الناقلة تمر قريبا من منازلهم وتعبر إلى مختلف البلديات الجبلية والنائية، وهو ما يتسبب في حرمان عشرات المواطنين من الماء ويدفع بهم إلى الشارع للاحتجاج في كثير من الأحيان. وترى ذات المصالح أن لا شيء يوقف هذه الممارسات مثل فرض قوانين رادعة على من يثبت تورطه في استغلال الماء دون مقابل، و لعل الظاهرة تمتد في كثير من الأحيان إلى الأوساط الحضرية، حيث يعمد مواطنون إلى استعمال كثير من الطرق من أجل استغلال الماء دون ربط قانوني بالشبكة أو إعلام المصالح التقنية بالمؤسسة، لا سيما وأن التعامل مع الماء ليس بالخطورة التي تكتسيها الشبكات الحيوية الأخرى مثل الكهرباء والغاز، وهو ما يكلف الجزائرية للمياه مبالغ طائلة تصنف في خانة الأرباح الضائعة والتي يصعب تحديد قيمتها بدقة، علما أن ديون المؤسسة لدى زبائنها بلغت بعاصمة الولاية لوحدها أزيد من 62 مليار سنتيم ويتوزع باقي المبلغ على البلديات الأخرى خاصة كبريات الدوائر مثل عين التوتة وبريكة. طارق رقيق.