دعا الخبير الأمني المتخصص في شؤون الساحل الجزائر لتكثيف جهودها الدبلوماسية لاستصدار قرار أممي لتجريم دفع الفدية للتنظيمات الإرهابية، بمن فيهم الوسطاء، الذين تتستر وراءهم بعض الحكومات الغربية للتنصل من المسؤولية. وقال عضو المجلس العلمي بمركز البحوث الأمنية والإستراتيجية في اتصال مع “الفجر” إن نجاح الجزائر في إقناع الأممالمتحدة بتحريم الفدية لم يعد كافيا في الوقت الراهن، لأن المطلوب اليوم رادع قانوني لا رادع أخلاقي لإجبار بعض الحكومات الغربية على التوقف عن تمويل الجماعات الإرهابية. وذكر الخبير الأمني أن ظاهرة الاختطاف والمطالبة بالفدية “أصبحت تجارة مربحة ومثمرة”، ما يعكس ارتفاع عدد المختطفين إلى 12 رهينة حاليا، منهم 6 فرنسيين. وفسر بن جانة إقدام بعض الحكومات الغربية على دفع الفدية للإرهابيين مع علمهم أنها تقوي شوكته وتزيد من مخاطره إلى “الأهمية الكبيرة التي يتمتع بها الفرد في المجتمعات الأوروبية والضغط الكبير الذي يفرضه الرأي العام عليها لتسليم الفدية وإنقاذ الرهينة”. وأكد الخبير في شؤون الساحل أن دفع الفدية سيفتح أبواب جهنم على المنطقة كلها، خاصة مع وجود صراعات إثنية وفصائل متمردة ستسعى لحيازة السلاح الليبي المنتشر بمنطقة الساحل والموجود أحيانا بدون ثمن، ما يهدد بانفجار المنطقة في أية لحظة، مشيرا إلى أن فقر دول الساحل، باستثناء الجزائر، سيفاقم المشكل أكثر، لأن شعوبها من البدو الرحل الذين لا يعترفون بالحدود السياسية، كما أن الإمكانيات العسكرية للكثير من الدول لا تؤهلها لفرض السيطرة على أقاليمها”. وشدد ذات المتحدث على ضرورة تجريم الوسيط في عملية دفع الفدية، لأنه شريك في الجريمة، وأصبح اليوم حقيقة تتستر وراءها الدول، للتنصل من المسؤولية، خاصة وأن دوره لم يعد يقتصر على حل المشاكل بل يفاقمها، “لأن إطلاق سراح رهينة يترتب عليه ما لا يحمد عقباه بعد حصول الإرهابيين على الأموال”. وأضاف عضو مركز الدراسات الأمنية والإستراتيجية أن المنطقة أمام تحديات كبيرة جدا، ويتوجب التنسيق الأمني بين دول الجوار لاستتباب الأمن، لأنها على فوهة بركان ستفجره الهجرة غير الشرعية وتجارة السلاح والمخدرات، إذا ما استمرت الأوضاع على حالها. الدول الغربية تجبر على إخفاء دفعها للفدية خشية مساءلتها اعتبر الدكتور في علوم الإعلام والاتصال، محمد لعقاب، أن الحديث عن تجريم الفدية من قبل الدول التي يتعرض مواطنوها للاختطاف من قبل الجماعات الإرهابية المسلحة مستحيل في الوقت الراهن وأن جل عمليات التفاوض تسير في الخفاء ويتم دفع الفدية بطرق غير واضحة للتهرب من المساءلة الدولية والتنصل من المسؤوليات التي من الممكن فرضها عليها. وأشار إلى أن الفدية عندما كانت تدفع علانية ويشهر بالمبالغ المقدمة لأمراء التنظيم كانت تترتب عنها آثار سلبية كثيرة، والانتقال إلى مرحلة إخفائها والتستر عليها في حد ذاته مكسب وخطوة تحتسب لهذه الدول خاصة وأن الفعل القانوني في قضية تجريم الفدية للإرهابيين يتطلب الكثير من الوقت رغم اقتناع الشعوب بخطورة الظاهرة والتي تعدت الحكومات.