إرهابيو الساحل يعزفون على وتر الانتخابات الفرنسية ويترنحون في بلاد العميان ملايين الأوروات تأخذ طريقها إلى الساحل الإفريقي الذي يزداد توترا يوما بعد يوم، ومئات الصواريخ وقطع السلاح استقرت هناك معلنة عن دخول المنطقة خانة الأحمر، زادها سوءاً الرضوخ الدولي المتواصل الذي مكن التنظيم المسلح المنضوي تحت لواء ما يعرف بالقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي من فرض نفسه دون غيره من الشبكات الأخرى، تنشط هناك على غرار مافيا تجارة السلاح والمخدرات وكذا متمردي الدول الإفريقية، الذين اشتركوا في تحويل المنطقة إلى خزان لتوليد الإجرام، لا يعلو فيها صوت على صوت الجماعات الإرهابية التي غادرت غرفة الإنعاش التي أدخلتها فيها الجزائر وبلغت مرحلة التلاعب بالدول، خاصة الغربية منها، مستغلة الحراك السياسي بها بما في ذلك الانتخابات الفرنسية المقبلة والتي أسالت لعاب أمراء الصحراء. الإرهابيون يستخدمون ورقة الفدية لضمان 95 بالمائة من مصادر تمويلهم تحرص الجماعات الإرهابية المسلحة على الحفاظ على مصادر تمويلها، والإبقاء عليها ممثلة في الفدية التي تضمن لهم 95 بالمائة من الأموال والتي أعادتهم إلى الواجهة بعد أن كادوا أن يلفظوا أنفاسهم الأخيرة تحت وقع ضربات الأجهزة الأمنية الجزائرية التي تعلمت الدرس جيدا وعملت على اجتثاث على مدار عدة سنوات أي جذع لها يمكن أن يولد عناصر أخرى، واستطاعت بفضل حنكتها في إدارة معاركها مع العناصر المسلحة ومعها الشبكات النائمة التي تمولها على إجبار الجماعات على الزحف نحو شمال مالي بحثا عن الاستقرار ومنه الاسترجاع. غير أنها وفي ظرف أقل من خمس سنوات اكتشفت عصب الحياة واستغلت تواجدها في منطقة غير مستقرة أمنيا لإعادة تنظيم صفوفها بغض النظر عن الانشقاقات المسجلة خاصة بين الأمراء الثلاث عبيد حمادو المدعو “أبي زيد السوفي”، ومختار بالمختار “الأعور” ومعهما يحي جوادي، زادت أطماعهم في نيل إمارة الصحراء بمجرد إجبار أسامة بن لادن وخليفته الظواهري الرافض لتمردهم على الاعتراف بهم. وتواجه الجزائر، حسب خبراء الشأن الأمني، مشكلة عجزها عن اتهام الدول الضالعة بدفع الفدية بما تقدم عليه من عمل يؤثر سلبا على الأمن الدولي، في ظل استمرار العديد منها في تقديم الفدية خفية وإيجاد صيغ لمد الإرهابيين بالأموال دون مواجهة الانتقادات الدولية أو بالأحرى العجز عن إجبارها على تحمل مسؤوليتها إزاء الفعل الذي ترتكبه. فلا أحد يمكنه تأكيد تورط الحكومات الغربية في دفع الفدية من عدمها، في حين أن كف الإرهابيين عن المطالبة بها يشير لا محالة إلى أن الفدية دفعت ومنها 90 مليون أورو التي طالبوا بها نظير إطلاق سراح أربعة فرنسيين. ويتواجد حاليا 12 رعية أوروبية منهم ستة فرنسيين محتجزين لدى معاقل التنظيم دون أن تحدد قيمة الفدية المطالبة للإفراج عنهم، لكنها لا تقل عن 5 مليون أورو للرعية الواحد. الدول الغربية تتورط في عودة الإرهاب إلى الواجهة عبر الساحل الإفريقي تواصل الحكومات الغربية تغذية الإرهابيين وإمدادهم بالفدية نظير إطلاق سراح رعاياها، وتتورط أكثر في إنعاش تنظيمهم المسلح بعدما كان سائرا إلى الزوال مستفيدا من سياسة إغماض العيون التي تعتمدها عدد من الدول الإفريقية، وتصر على القفز على الاتفاقات الدولية التي تحرم تمويل المجرمين وتغدقهم بالأموال الطائلة خفية، في وقت لا تزال الجزائر التي حافظت على موقفها من الفدية على إدانة دفعها، وتطالب المجتمع الدولي باستصدار قرار يجرمها ويلزم الدول المعنية بالكف عنها خاصة وأنها شاركت في اشتداد عود الإرهابيين الذين رفعوا من قيمة الأموال حتى بلغت 90 مليون أورو وصعدوا من مطالبهم التي امتدت إلى ضرورة إطلاق سراح رفاقهم المسجونين في سابقة وصفت بأنها أكثر من خطيرة وتلمست عواقبها العديد من الدول خاصة بعدما تورط إرهابيان أطلقا سراحهما في موريتانيا بعد محاكمة قيل إنها شكلية نزولا عند مطالب أبي زيد في اعتداء كما خطط أحدهما في عمل انتحاري في قلب مقديشو. فرنسا تدفع ضريبة تلميع صورتها أمام مواطنيها وتتجاهل الموقف الدولي تترنح الحكومات الغربية بين اختيارين أحلاهما أمر من العلقم، وفرضت على نفسها ضرورة مقابلة شعوبها بما يريد أن يحققه دون اعتبار لنتائج القفز على الاتفاقات الدولية، واختارت إعادة مواطنيها إلى أحضان عائلاتهم بمقابل إمداد ثلة من الإرهابيين بعشرات الملايين من الأورو والتي تستغل في شراء الأسلحة والذخيرة والتي تباع في الأسواق الموازية بالساحل الإفريقي بشكل تصعب السيطرة عليه. وحسب المحلل السياسي مصباح شفيق الذي أشار في اتصال مع الفجر، فإن الأوضاع بالساحل الإفريقي لا تبشر بخير، كما أن الجماعات الإرهابية تلعب شوطا إضافيا في رهانها مع المجتمع الدولي على التأثير في القرارات الدولية خاصة منها الفرنسية المقبلة على الانتخابات، مشيرا إلى أن فرنسا رضخت أكثر من مرة لمطالب الإرهابيين وتاريخها قبل وأثناء رئاسة ساركوزي يؤكد أنها تختار في كل مرة تلميع صورتها أمام شعبها على حساب القرارات الدولية، وأنها حريصة على التفاوض مع الإرهابيين بعد فشلها في استرجاعهم بلغة السلاح وأسفر عن مقتل جيرمانو ومعها رفعت الجماعات من مطالبها انتقاما للعملية العسكرية التي شنتها عليها وأودت إلى مقتل أربعة عناصر منهم. وأضاف أنها في كل مرة تصرح فيها إنها لا تتفاوض مع الإرهابيين وإنما مع الوسطاء وتسعى إلى إيجاد صيغة تمكن الرعايا من العودة إلى ذويهم ومعها عدم دفع الفدية وهو ما يتنافى وما هو موجود على أرض الواقع؛ إذ أن الجماعات لا ترضى بغيرها خاصة في الفترة الأخيرة التي أضحت فيه تطالب بالإفراج عن رفاقهم في السجون، ولم تعد رواية الوسطاء تقنع الشعوب التي أضحت لا تحتاج إلى من يوجهها خاصة وأنها تدرك جيدا أن أموال الفدية تستغل لضرب مصالحها ومصالح دولها.