الآن أحس بأنني في حاجة ماسة إلى الكتابة بلغة الترفاس والبهائمية عن السياسة في الجزائر.. لأن المستوى "العالي" للأداء السياسي في بلادنا لم يعد يسمح بفهم ما يقع إلا في سياق لغة سياسية كهذه! زعيم حمس قال إنه انسحب من التحالف الرئاسي لوضع حد "للرداءة السياسية"! ومعنى هذا الكلام أن الرداءة غير السياسية الحمسية انسحبت من الرداءة السياسية للآفة والراندو! حمس تنسحب من التحالف الرئاسي وتبقي على تحالفها مع الرئيس! والسؤال الذي يطرح الآن: هل حمس تحالفت مع الآفة والراندو على شيء آخر غير برنامج الرئيس؟! ربما تكون حمس قد تحالفت مع الآفة والراندو على إنجاز الرداءة غير السياسية فعمد شريكاها إلى إنجاز "الرداءة السياسية" فعمدت حمس إلى الانسحاب من هذا التحالف الغريب لإسقاط الرداءة السياسية كما قالت؟! حمس تطالب بحكومة تيكنوقراطية لضمان نزاهة الانتخابات القادمة وتعتبر الحكومة الحالية حكومة سياسية لا يمكنها أن تنجز انتخابات حرة.. ولكن حمس من جهة أخرى تعتبر الحكومة الحالية حكومة الرئيس بوتفليقة وليست حكومة الراندو أو الآفة ولذلك لم تنسحب منها حتى لا تغضب الرئيس الذي تحالفت معه حول برنامجه وما تزال تؤيده إلى 2014! حمس هي الحزب الثالث الممثل في البرلمان بكتلة كبرى وهي التي وافقت على تغيير الدستور الحالي وتحويل رئيس الحكومة من رئيس للحكومة إلى وزير أول.. وتحويل رئيس الحكومة إلى مجرد سكرتير عند رئيس الجمهورية الذي هو رئيس الحكومة الفعلي.. والحجة أن تتم عملية الانسجام بين الرئيس والحكومة! واليوم تدعو حمس إلى حكومة تيكنوقراطية تجري الانتخابات! هل هذا معناه أن حمس أصبحت لا تثق في الرئيس الذي هو الرئيس الفعلي للحكومة بنص الدستور؟! وإذا كان الأمر كذلك فلماذا لا تنسحب من حكومته؟! هل تريد حمس بهذه الانسحاب من التحالف التنصل من مسؤوليتها عن النتائج الكارثية التي حدثت في تسيير البلاد خلال حكم ثلاثي التحالف باسم الرئيس؟! هل هذه مروءة من حزب إسلامي بنى نفسه على قيم الأخلاق قبل السياسة؟! المشكلة في الجزائر أن البلاد أصيبت بتصحر سياسي.. ففساد الآفة والراندو لا يوجد بديل لهما.. الفيس أدخل البلاد في بحر من الدماء وحمس أدخلت جزء من الإسلاميين المعتدلين في كارثة الفساد بمختلف أنواعه.. من الفساد المالي إلى الفساد السياسي.. ووصلت الآن إلى مرحلة الفساد غير السياسي! والقطب الديمقراطي هو الآخر غرق في الانتهازية والوصولية وحول أحزابه إلى شركات سياسية خاصة الأفق مسدود والبديل غير موجود.. وهذه هي كارثة البلاد.. فلم يعد فيها غير الفساد والمفسدين تعلو أصواتهم باسم السياسة وباسم الدولة وحتى باسم الشعب!