بعد شهر يقوم رئيس الجمهورية باستدعاء الهيئة الناخبة، الأمر الذي يطرح الكثير من التساؤلات حول نزاهة الانتخابات المقبلة، قياسا ببقاء القائمة الانتخابية الوطنية تراوح 21 مليون ناخب، وهو معدل بعيد جدا عن المقياس العالمي الذي يتراوح ما بين 38 إلى 44 بالمائة من العدد الإجمالي للسكان، وهو ما يجعل القائمة الانتخابية الوطنية من المفروض أن لا تتعدى في أقصى درجاتها 18 مليون نسمة، وهي نسب فائضة عادة ما تستغل لتمرير التزوير. في الكثير من الأحيان لا تكفي القرارات السياسية لحماية الصندوق من التزوير ولا تشكل تلك القرارات حصنا منيعا ضد الأيادي التي تعبث بالإرادة الشعبية، وأصدق دليل على ذلك التعليمة الرئاسية التي أصدرها اليمين زروال سنة 1997، من أجل إجراء الاقتراع في كنف الشفافية والنزاهة، لكن العكس هو ما حدث وحقق وقتها المولود الجديد "الارندي" نتائج أدهشت الجميع، حيث تجاوزت التوقعات وخذلت حتى الأحزاب التي كانت تتمتع بشعبية. وإذا كانت القائمة الانتخابية الوطنية الحالية تضم 21 مليون ناخب، فإنها بذلك تكون تتعدى بقرابة ثلاثة ملايين النسبة، يمكن أن تستغل في ترجيح نسب الانتخابات لصالح الأحزاب والتشكيلات التي تريد السلطة الإبقاء عليها بقوة في الساحة السياسية، علما أن وزارة الداخلية والجماعات المحلية قد أعلنت مؤخرا عن تسجيل 4 ملايين ناخب جديد وهو أمر من الممكن أن يضخم أكثر هذه القائمة ويجعلها غير قابلة للسيطرة. وعادة ما تضخم القائمة الانتخابية الوطنية بالإبقاء على الوفيات وتكرار المسجلين بدوائر انتخابية متعددة، وهو أمر شائع، وسيظهر بشدة خلال هذه الانتخابات خاصة بالنظر لعمليات الترحيل التي مست أحياء عديدة من الوطن، ويذكر هنا حصول مسنة متوفية منذ عشر سنوات على بطاقة الانتخابات مؤخرا، لأنها لم تشطب من السجلات المدنية. عامل آخر لا يقل أهمية في ضمان نزاهة الانتخابات وهو استقلالية الحكومة، حيث اعتبر العضو القيادي في حزب العدالة والتنمية، لخضر بن خلاف ، أن "قرارات الرئيس لا يمكن أن تترجم مالم تستبدل الحكومة الحالة، بأخرى تيكنوقراطية مستقلة، لحماية الإدارة من الحكومة الحزبية عشية إجراء الانتخابات". ويبقى الضمان الوحيد لإجراء انتخابات في كنف الشفافية هو القيام بعملية مراجعة استثنائية دقيقة للقائمة الانتخابية الوطنية، بعد إعلان رئيس الجمهورية عن استدعاء الهيئة الناخبة مباشرة، مع إعطاء نسخ من هذه القائمة للأحزاب المشاركة في الاقتراع، لأن لا الرقابة القضائية التي فرضها قانون الانتخابات الجديد، ولا حتى المراقبين الدوليين تعد ضمانات كافية لسير العملية في كنف الشفافية، خاصة وأن الإدارة لا يمكن أن تفلت من ضغط حكومة متحزبة وليست تيقنوقراطية ومستقلة.