يتواصل إلى غاية ال8 من الشهر الجاري، برواق الفنون بإمارة الشارقة القديمة في الإمارات العربية المتحدة، معرض المنمنمات الجزائرية الذي قدمته الفنانة التشكيلية سارة صراوي، بحر هذا الأسبوع. وتندرج هذه الفعالية في إطار الدورة الرابعة عشرة لمهرجان فنون المنمنمات الإسلامية لهذه السنة. يحوي المعرض عديد اللوحات الفنية المتنوعة التي تعبر عن الوطن الجزائر بصفة عامة في الماضي والحاضر والمستقبل، والمقترنة بالطابع الإسلامي الثري الذي اتخذته كمرجع لفنها وقاعدة لإطلاق العنان لإبداعها وخيالها في هذا المجال الفني، حيث شكلت أغلب أعمالها مزجا بين الموضوع والنظرة الإسلامية له، فتمكنت من تجسيد أفكارها ورؤيتها الثاقبة للواقع خلال جملة من الرسوم الجميلة البالغة التعبير، خصت بها بلدها الجزائر وما يحمله من هموم وآمال وجمال، ناهيك عن تصوير روحها وبنات جنسها في هذا الوطن. كما حاولت بطريقة أو بأخرى إبراز مدى صعوبة الفن الكلاسيكي الإسلامي الذي يحتاج إلى الدقة في العمل والصبر والمثابرة، ويختلف بدرجة كبيرة عن الفن التشكيلي العادي. وصرحت به الرسامة سارة صراوي في تصريح صحفي، أن اهتمامها بفن المنمنمات الإسلامية بدأ مبكرا منذ أن انتسبت إلى مدرسة محمد راسم الجزائري للمنمنمات والزخرفة الإسلامية، "ولأنها فن يحتاج إلى الدقة في العمل فقد بهرتني بالفعل وجعلتني أقرب إليها من سواها". وفي نفس السياق تناقش لوحات الفنانة صراوي مواضيع شتى، عالجت من خلالها الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع الجزائري، على غرار ما يعانيه من البطالة المتفاقمة التي أصبحت شبحا يخيم على آمال الشباب وطموحاته المستقبلية، وكذا استجلاء صورة الفقر وبعض الظواهر السلبية التي استفحلت في أوساط أفراده مؤخرا، بالإضافة إلى جوانب أخرى لامست منها المعاناة والحرمان، لاسيما معاناة المرأة التي صورتها على أنها جزء لا يتجزأ من المجتمع وعنصر أساسي في تشكيل تركيبته، وهو ما اعتبرته انطلاقا منها كشخص، أنه يستحيل العيش بمنأى وبمعزل عن باقي الناس الآخرين، وبالتالي فهي تشارك الرجل همومه وتقاسمه آلامه وتواجه معه مصاعب الحياة وقسوة الأوضاع الاجتماعية في الجزائر. من جهة أخرى ترى التشكيلية سارة عن موضوع المرأة في أعمالها، أنها عبارة عن أحلام وأمال تعبر عن المرأة الجزائرية التي تبحث دوما عن بلوغ غايتها وتحقيق أحلامها من أجل الوصول إلى أجمل صورة تمكنها من تحقيق ما تمنته وما كانت تراه من أشياء سلبية، سواء تعلق الأمر بنظرة الناس إليها أو بنظرتها الخاصة لذاتها وشخصها، موظفة رسم "العين" و"الوجه" بطريقة تقنية حديثة رفقة الألوان الزاهية والقاتمة وكذا المتقاربة، كدلالة لتبيين معالم النظرة المستقبلية للواقع، وكأسلوب تعبير جميل يراد منه إعطاء حضور قوي لهذا الإنسان العاطفي، إلى جانب الكشف عن أحلامه الدفينة وأحلام جميع النساء.