بعد صمت طويل للعالم الغربي عن مجازر القذافي ضد المدنيين الليبيين، خرج أخيرا البنتاغون يهدد بالتدخل العسكري وإمكانية فرض عقوبات على ليبيا، واشنطن وبعض الدول الأوروبية، لم تهتم لآلاف القتلى الذين سقطوا برصاص القذافي، ولم يزعجها لا هي ولا أوروبا الحكم الدكتاتوري للقذافي، وتعاملت معه طيلة سنوات لأنها كانت تقتات من النفط الليبي، لذلك اختارت في البداية الصمت حفاظا على مصالحها في حال استمر الزعيم في حكم ليبيا، لكن وبعد أن تيقنت أن الشعب الليبي مصمم على اقتلاع الطاغية رغم كل الدماء التي سالت، أنطقها الخوف من ضياع النفط أيضا، وتحدثت عن إمكانية تدخل عسكري ظاهره إنقاذ الشعب الليبي من جرائم القذافي وباطنه الاستيلاء على ثروات الشعب الليبي، خاصة وأن النفط الليبي من أجود أنواع النفط، فهو خال من مادة الكبريت وقد لاحظنا أيضا التأثيرات التي أحدثتها الأزمة الليبية على سعر النفط في السوق الدولية .. والى جانب التدخل العسكري، فكرت واشنطن كذلك في سيناريو لفرض عقوبات اقتصادية على ليبيا، ونتساءل هنا هل الشعب الليبي محتاج فعلا لعقوبات تثقل كاهله في هذه الظروف العصيبة التي يمر بها ؟ فهل بعد أن يتحرر من طاغية حرمه من ثرواته لأكثر من أربعة عقود يدخل في دائرة عقوبات أخرى؟ وهل تريد واشنطن باسم المجتمع الدولي أن تعاقب الشعب الليبي بكله لنيل من الصديق القذاقي الذي أصبح فجأة عدوا. ربما تريد واشنطن هذه المرة أيضا إقامة الديمقراطية في ليبيا على غرار ما فعلته في العراق بالعقوبات وحصار الشعب العراقي بأكمله ثم التدخل العسكري واحتلاله، لكن هل فعلا أقامت واشنطن الديمقراطية في العراق؟ وبماذا نفسر خروج العراقيين في مظاهرات سقط فيها قتلى للإطاحة بالمالكي ونظامه أو بالأحرى نظام واشنطن؟ كل ما فعلته واشنطن هناك أنها وضعت يدها على النفط العراقي وأعدمت الرئيس الراحل صدام حسين وأدخلت العراق في دوامة من الصراعات والحرب الأهلية، فواشنطن قتلت بجيشها ملايين العراقيين من اجل النفط ولا يهمها ما يفعله القذافي مع شعبه اليوم وإنما تحاول الإدارة الأمريكية بقيادة أوباما ومنافسيها في أوروبا إيجاد صيغة تحقق بها هيمنتها على النفط باسم الديمقراطية وحقوق الإنسان لذلك فالأجدر بواشنطن وأخواتها أن تترك الشعب الليبي يبني نفسه بنفسه مادام هذا كل ما تستطيع واشنطن أن تقدمه.