يبدو أن ربيع ليبيا سيتحول إلى صيف، أو بالأحرى إلى جهنم بفعل ما يسمى “النيران الصديقة”. فالليبيون مقتولون بكل الطرق، سواء من قبل ميليشيات أبناء القذافي أو من قبل الثوار ومن قبل قوات التحالف التي قالت إنها تدخلت لحماية المدنيين، فها هي تسقط أولى ضحايا النيران الصديقة، المصطلح الذي تعودنا سماعه من تجربة العراق؛ حيث ما زال يتكرر يوميا، ويوميا تبتكر له الذرائع لتبريره. وهكذا يبدو أن الأزمة ستطول في ليبيا، وسيسقط المزيد من القتلى بالنيران العدوّة وبالنيران الصديقة، لا فرق ما دام الدم العربي بهذا الرخص، فلن يكترث أحد للقتلى باستثناء وسائل الإعلام التي تتسابق على رصد أعدادهم، وكأن الأخبار لن تكون مهمة إلا عندما ترتفع أعداد القتلى، وسواء كانوا في صفوف القذافي أو في صفوف الثوار، فإن القتلى هم ليبيون، والمنشآت التي تدمر سواء كانت بأسلحة التحالف أو بأسلحة القذافي هي منشآت ليبية بنيت بأموال حرم منها الشعب الليبي. نعم؛ هذه الحرب ستطول إلى أن تتم السيطرة على النفط، لأن هذه الحرب تخفي حربا حقيقية حول النفط والغاز الليبيين، لأن خوف الغرب هو على النفط وليس على الليبيين، فهؤلاء كانوا يموتون سنويا بالآلاف على يد القذافي ولم يكن أحد يهتم لأمرهم، والدليل أن كل المعارك تدور في المناطق الغنية بالنفط والغاز، القذافي يسعى جاهدا لإبقاء سيطرته عليها، وقوات التحالف تتسابق من يقدم أكثر عون للثوار ليكون نصيبه في الكعكة أكبر بعد سقوط القذافي، والخاسر في كل هذا هو الشعب الليبي بشقيه، سواء كان مع القذافي أو مع الثوار، لأن فاتورة الحرب التي يقودها الحلفاء على القذافي تزداد ارتفاعا كل يوم، ستدفعها السلطة الليبية المقبلة، مثلما تدفع الكويت اليوم المليارات سنويا لأمريكا التي حررتها من جيوش صدام، ومثلما يدفع العراق الآن تكاليف الحرب التي تقودها أمريكا هناك منذ أزيد من ثمان سنوات من مداخيل النفط العراقي، الذي وضعت يدها عليه وصارت تتحكم فيه بل تتحكم حتى في نصيب العراقيين أنفسهم منه، ولذلك لا نستغرب أن يعطي أوباما أوامر سرية لمد الثوار الليبيين بالأسلحة، فهو بذلك يجعل من الليبيين وقود حربه التي يتنافس فيها مع فرنسا على نفط البريقة وبن جواد وغيرها من المواقع الغنية بهذه الطاقة التي هي سبب كل الحروب التي قادتها أمريكا في السنوات الأخيرة وبالتحديد منذ انتهاء الحرب الباردة.