بلغ إنتاج الحليب خلال الموسم المنقضي بولاية سوق أهراس، نحو 92 مليون لتر، لكن هذا الإنتاج الغزير لم يتم استغلاله بطريقة عقلانية، نظرا للعجز الكبير في وحدات تحويل هذه المادة الاستراتيجية التي تقتصر فقط على وحدة خاصة بطاقة 40 ألف لتر يوميا. وعلى الرغم من “التطور الملحوظ” في شعبة تربية الأبقار الحلوب بهذه الولاية، الواقعة بأقصى شرق البلاد، بفضل توسع القطيع وارتفاع الإنتاج وحتى زيادة عدد المربين، فإن هذا النشاط يبقى ممارسا بصورة “تقليدية” لدى معظم المربين حسب تأكيدات مسؤولي مصالح الفلاحة بالولاية، ولا يمارس بشكل استثماري كبير جراء التكاليف الباهظة وانعدام تشبيب المربين، فضلا عن غياب ثقافة تسيير عصرية. وكانت بلدية المشروحة (20 كلم غرب سوق أهراس) قد تحصلت مؤخرا على المرتبة الأولى وطنيا في شعبة الحليب بإنتاجها 25 مليون لتر، وذلك من قبل وزارة الفلاحة والتنمية الريفية خلال اجتماع تقييمي لعقود النجاعة حول التجديد الفلاحي والريفي. في المقابل، أفاد مدير المصالح الفلاحية بأن نسبة 32 بالمئة من إنتاج هذا الموسم سجلت من طرف 9000 بقرة حديثة تمثل 17 بالمئة من قطيع الأبقار الحلوب الذي يبلغ تعداده 50100 بقرة حلوب، مشيرا إلى أن الكمية المنتجة عرفت بدورها نموا ملحوظا بلغ 34 مليون لتر وقفزت الكمية المجمّعة والمحولة من 10 بالمئة خلال السنوات الماضية إلى 40 بالمئة الآن، وذلك بفضل التشجيعات والإعانات التي انتهجتها وزارة الفلاحة والتنمية الريفية، فضلا عن إنشاء هياكل لجمع الحليب واقتناء أبقار حلوب فتية. وضمن هذا المنظور، تم تسويق نسبة 38 بالمئة من هذا الإنتاج الكلي للحليب (92 مليون لتر) ما بين المنتجين ومحلات بيع الحليب المنتشرة بمدن الولاية، وحتى المقاهي بسوق أهراس، بالنظر إلى تفضيل الزبائن استهلاك حليب البقرة، أما الكمية المتبقية وهي كمية معتبرة، فقد وجهت نحو عدة ملبنات بالولايات المجاورة على غرار قالمةوعنابة وسكيكدة والطارف وقسنطينة التي استحوذت جميعها على 34 مليون لتر من هذا الإنتاج. وضمن هذا الإطار أيضا، ذكر مدير المصالح الفلاحية أن الديوان الوطني المهني للحليب تكفل منذ جوان من سنة 2010 بتسديد إعانات الدولة للتر الواحد المتمثلة في 12 د.ج للمربي و5 دج لمجمع الحليب و5 دج لوحدات التحويل، ولا تزال شعبة الحليب بسوق أهراس على الرغم من المجهودات المبذولة تعاني من بعض النقائص مثل الضعف في تنويع الأغذية التي بقيت تتركز أساسا على العلف المركز واستعمال الأعشاب الخضراء من طرف عدد قليل من المربين وضعف المتابعة الصحية. كما تعاني هذه الشعبة كذلك من نقص تنظيم شبكة الجمع وغياب وحدات تحويل ما يجبر المجمعين باللجوء إلى وحدات ولايات مجاورة على غرار عنابة وڤالمة وسكيكدة والطارف وأم البواقي وحتى قسنطينة. ولإيجاد حلول كفيلة بتجاوز هذه النقائص، اتخذت الجهات المعنية جملة من الإجراءات وقدمت اقتراحات خلال المنتديين الخاصين بشعبة الحليب اللذان عقدا سنة 2010 بسوق أهراس، إذ توّجت بميلاد مشروع شراكة جزائري - فرنسي يتكفل بمقتضاه بهذه الشعبة لمدة ثلاث سنوات، وهو المشروع الذي انطلق في تجسيده في غضون شهر أكتوبر الأخير بعد توقيع اتفاق جزائري - فرنسي بين المعهد التقني لتربية المواشي والمجمع الفرنسي “برتاني أنترناسيونال”. ومن شأن هذا المشروع الجزائري-الفرنسي، تحسين نوعية التغذية وإنتاج بذور الأعلاف. ولضمان تجسيد مشروع الشراكة هذا ميدانيا تم إنشاء مؤسسة تأطير GAPEL مجمع الدعم التقني يضم 7 إطارات مختلفة التخصصات ووضع ديناميكية جديدة لجمعيات مربين ومحولين ومجمعين وحتى متدخلين اقتصاديين، وذلك بعدما تم في غضون شهر ماي 2011 إنشاء مجلس جهوي متعدد المهن لشعبة الحليب يضم خمس ولايات مجاورة. وشدّد مدير المصالح الفلاحية على ضرورة إنشاء وكالة تابعة للديوان الوطني للحليب بولاية سوق أهراس، من طرف ذات الديوان للتكفل بهذه الشعبة تقنيا واقتصاديا لمراقبة كل مراحل الإنتاج والجمع والتحويل والتكفل بالتكوين والتحسيس مع كل المتعاملين سواء مديرية المصالح الفلاحية أو الفروع الفلاحية والمعاهد الفلاحية المتخصصة.