أظهر الإنتاج الهائل والغزير بولاية سوق أهراس لمادة الحليب الذي بلغ مستوى إنتاج ب92 مليون لتر نهاية أكتوبر الماضي عجزا كبيرا في وحدات تحويل هذه المادة الإستراتيجية حيث تقوم بعميلة التحويل وحدة وحيدة فقط خاصة تشتغل بطاقة 40 ألف لترا يوميا. وعلى الرغم من التطور الملحوظ في شعبة تربية الأبقار الحلوب بهذه الولاية الواقعة بأقصى شرق البلاد بفضل توسع القطيع وارتفاع الإنتاج وحتى زيادة عدد المربين فإن هذا النشاط يبقى ممارسا بصورة تقليدية لدى معظم المربين ولا يمارس بشكل استثماري كبير جراء التكاليف الباهظة وانعدام تشبيب المربين فضلا عن غياب ثقافة تسيير عصرية. وكانت بلدية المشروحة 20 كلم غرب سوق أهراس تحصلت أكتوبر الماضي على المرتبة الأولى وطنيا في شعبة الحليب بإنتاجها 25 مليون لتر وذلك من قبل وزارة الفلاحة والتنمية الريفية خلال اجتماع تقييمي لعقود النجاعة حول التجديد الفلاحي والريفي. واستنادا لمدير المصالح الفلاحية فإن نسبة 32 بالمائة من إنتاج هذا الموسم سجلت من طرف 9.000 بقرة حديثة تمثل 17 بالمائة من قطيع الأبقار الحلوب الذي يبلغ تعداده 50.100 بقرة حلوب. وعرف الإنتاج المجمع بدوره نموا ملحوظا بلغ 34 مليون لتر .وقفزت الكمية المجمعة والمحولة من 10 بالمائة السنوات الماضية إلى 38 بالمائة وذلك بفضل التشجيعات والإعانات التي انتهجتها وزارة الفلاحة والتنمية الريفية فضلا عن إنشاء هياكل لجمع الحليب واقتناء أبقار حلوب. تسويق كميات هائلة نحو ملبنات ولايات مجاورة وسوقت نسبة 38 بالمائة من هذا الإنتاج الكلي للحليب 92 مليون لتر ما بين المنتجين ومحلات بيع الحليب المنتشرة بمدن الولاية وحتى المقاهي بسوق أهراس بالنظر إلى تفضيل الزبائن طاغست استهلاك حليب البقرة والباقي نحو عدة ملبنات بالولايات المجاورة على غرار قالمةوعنابة وسكيكدة والطارف وقسنطينة التي استحوذت جميعها على 34 مليون لتر من هذا الإنتاج. وتضم ولاية سوق أهراس 87.600 رأسا من الأبقار منها 50.100 بقرة حلوب تتوزع على 9.000 بقرة حديثة و12.100 رأس مهجنة و29 ألف بقرة محلية فيما بلغ عدد المربين 5آلاف مربي منهم 2.100 مربي مندمجين في برنامج جمع الحليب حسب ما أضافه السيد عبد الرحمان منصوري. تسديد دعم وإعانات الدولة لفائدة مربين وجامعي الحليب ووحدات التحويل وأشار مدير المصالح الفلاحية أن الديوان الوطني المهني للحليب تكفل منذ جوان 2010 بتسديد إعانات الدولة للتر الواحد المتمثلة في 12 دج للمربي و5 دج لمجمع الحليب و5 دج لوحدات التحويل. وعلى الرغم من الإنتاج الهائل لمادة الحليب إلا أن الولاية تعاني نقصا في وحدات التحويل حيث لا تتوفر سوى على وحدة خاصة واحدة بطاقة 40 ألف لتر يوميا. ولا تزال شعبة الحليب بسوق أهراس على الرغم من المجهودات المبذولة تعاني من بعض النقائص مثل الضعف في تنويع الأغذية التي بقيت تتركز أساسا على العلف المركز واستعمال الأعشاب الخضراء والسيلاج من طرف عدد قليل من المربين وضعف المتابعة الصحية. وتعاني هذه الشعبة كذلك من نقص تنظيم شبكة الجمع وغياب وحدات تحويل مما يجبر المجمعين باللجوء إلى وحدات ولايات مجاورة على غرار عنابةوقالمة وسكيكدة والطارف وأم البواقي وحتى قسنطينة. ولإيجاد حلول كفيلة بتجاوز هذه النقائص اتخذت الجهات المعنية جملة من الإجراءات وقدمت اقتراحات خلال المنتديين الخاصين بشعبة الحليب اللذين عقدا عامي 2008 و2010 بسوق أهراس توجت بميلاد مشروع شراكة جزائري-فرنسي يتكفل بمقتضاه بهذه الشعبة لمدة 3سنوات . وقد انطلق في تجسيد هذا المشروع في أكتوبر الأخير بعد توقيع اتفاق جزائري-فرنسي بين المعهد التقني لتربية المواشي والمجمع الفرنسي برتاني أنترناسيونال. ويهدف هذا المشروع الجزائري-الفرنسي إلى تنسيق الجهود لوضع شعبة الحليب وجمع كل المتعاملين نحو هدف واحد يتمثل في تحسين إنتاج وجمع الحليب وإلى تقديم دعم تقني دائم لأزيد من 300 مربي في مرحلة أولى حسبما أوضحته ذات المصالح مشيرة إلى أنه من شأن هذه الشراكة تحسين نوعية التغذية وإنتاج بذور الأعلاف. ولضمان تجسيد مشروع الشراكة هذا ميدانيا تم إنشاء مؤسسة تأطير مجمع الدعم التقني يضم 7 إطارات مختلفة التخصصات ووضع ديناميكية جديدة لجمعيات مربين ومحولين ومجمعين وحتى متدخلين اقتصاديين وذلك بعدما تم في غضون ماي 2011 إنشاء مجلس جهوي متعدد المهن لشعبة الحليب يضم 5 ولايات مجاورة. ودعا مدير المصالح الفلاحية إلى ضرورة إنشاء وكالة تابعة للديوان الوطني للحليب بولاية سوق أهراس من طرف ذات الديوان للتكفل بهذه الشعبة تقنيا واقتصاديا لمراقبة كل مراحل الإنتاج والجمع والتحويل والتكفل بالتكوين والتحسيس مع كل المتعاملين سواء مديرية المصالح الفلاحية أو الفروع الفلاحية والمعاهد الفلاحية المتخصصة. كما طالب بإدماج قطاعي التكوين المهني والجامعة خاصة وتدعيم سوق أهراس بفتح معهد فلاحي بيطري بمدينة تاورة ليسهم في إيجاد حل لهذه الشعبة وتشجيع الاستثمار في وحدات التحويل إضافة إلى ضرورة تشجيع المربين المتحصلين على الاعتماد الصحي عن طريق تقديم منحة صحية مع رفع نسبة التعويض بالنسبة لذبح الأبقار المصابة بالحمى المالطية ومرض السل. دعوة إلى استحداث نظام إنتاج محلي في مجال الثروة الحيوانية وكان مدير الصناعة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وترقية الاستثمار دعا في عديد اللقاءات إلى ضرورة استحداث نظام إنتاج محلي وإلى تشخيص قدرات وثروات ولاية سوق أهراس التي تتوفر كذلك على جميع الناشطين في هذا المجال على غرار المربين والمجمعين والمحولين والمسالخ وما يتبعها من جمع للجلود والصوف وإنتاج الحليب ومشتقاته. وتكمن أهداف هذا النظام أساسا في إظهار قدرات وفرص استثمار جديدة من شأنها خلق مناصب شغل وذلك من خلال وضع إستراتيجية دعم من طرف الجهات الوصية. ويعد نظام الإنتاج المحلي هذا نظرة جديدة لإستراتيجية مستقبلية للتنافسية تبنى أساسا على تبادل الخبرات والاستفادة من المؤهلات للنهوض بالتنمية المحلية فضلا عن الحيازة على موقع في السوق المحلي والوطني حسب السيد الساسي بوعزيز الذي أشار أن هذا النظام أثبت نجاعته في عديد ولايات الوطن على غرار قسنطينة النحاس والمسيلة الصوف وسكيكدة الرخام وجيجل الجلود وبتيارت السروج. ضعف في عمليات التلقيح الاصطناعي للأبقار وتبقى عملية التلقيح الاصطناعي الحديثة بهذه الولاية جد ضئيلة كما أوضح بدوره مدير التعاونية الفلاحية المتعددة النشاطات بسدراتة حيث تم إلى غاية سبتمبر الأخير إجراء عمليات تلقيح اصطناعي ل29 رأسا من الأبقار. ونجحت منها 8 أبقار أي بنسبة 27,58 بالمائة وذلك بسبب انعدام الهرمونات الخاصة بتسخين الأبقار في السوق الوطنية ما حتم اللجوء إلى طرق طبيعية اعتمادا على تبليغ المربي عن سخونة أبقاره. وأشار مدير وحدة التلقيح بذات التعاونية أن عملية التلقيح الاصطناعي للأبقار تسير ببطء نظرا لنقص الإمكانيات فضلا عن بطء الآليات الخاصة بالدعم المادي للدولة وشروطها التعجيزية مضيفا بأن الدولة تدعم كل عملية تلقيح ناجحة بقيمة 1.800 دج للرأس الواحد شريطة أن تكون ناجحة. وبالنظر لحداثة هذه العملية دعا مدير المصالح الفلاحية مسؤولي المركز الوطني للتلقيح الاصطناعي بتقديم الدعم التقني لتجاوز العراقيل الموجودة مع توسيع عملية التلقيح الاصطناعي لتشمل كامل إقليم الولاية خاصة وأن سوق أهراس معروفة بتربية الأبقار.