تعقّدت وضعية سكان مشاتي في بلديات ولاية جيجل المحاصرين بالثلوج، بعد عودة التقلبات الجوية، حيث أعادت الثلوج قطع الطرقات التي تم فتحها منها البلدية والولائية والوطنية، لا سيما بأعالي بني ياجيس، تاكسنة، برج الطهر، إيراقن، أولاد رابح وأغبالة، وهو ما جعل السكان يوجهون صرخات إغاثة لإنقاذهم من موت محتوم، بعد ضياع رؤوس الماشية ونفاد كل أنواع المؤونة وعدم مقدرتهم على الاحتطاب بسبب ارتفاع سمك الثلوج لأزيد من 3 أمتار. وضعية سكان منطقة عين لبنة بإيراقن وكذا عين تيري بالشحنة، الأكثر تضررا وتمكّن فوج من شباب مغامر لجمعية الإصلاح والإرشاد الوصول إليها، والذي أشار إلى أن القافلة حاصرتها الثلوج عند العودة، وتوقفت عن السير لأزيد من 03 ساعات بالمنطقة، المسماة مرج الزجونة، ولم تتمكّن من الإقلاع إلا بعد تدخل شاحنات الحماية المدنية. وأشار ذات المصدر إلى أن هناك سكان بالمنطقة المذكورة لم يزرهم أي مسؤول منذ 12 يوما، وهم يعيشون في ظروف لا يمكن وصفها. أما شباب عين لبنة ولإنقاذ المواطنين، فإنهم تحمّلوا مشاق ومخاطر الطريق سيرا على الأقدام، وسط الثلوج لمدة 16 ساعة للوصول إلى بلدية بني ياجيس لاقتناء المؤونة والعودة منها في نفس الظروف. وهي مبادرات مماثلة قام بها شباب الشقفة ولعقابي، كما قام 45 شابا من “جمعية الطفولة المسعفة والشباب ابتسامة” الذين قضوا 04 أيام بمشاتي غار الريبة، السرا، الريشة والعناب على الحدود بين جيجل وميلة، ولحوالي 110 كلم شرق عاصمة الولاية، حيث اضطروا حسب رئيس الجمعية فريد جناح إلى قطع 20 كلم سيرا على الأقدام لإيصال 240 قفة من المواد الغذائية والألبسة إلى العائلات المحاصرة بالثلوج، والتي توجد في وضعية كارثية، لا سيما الفقر المدقع وقساوة الطبيعة. من جهة أخرى بادرت أفواج قدماء الكشافة الإسلامية بقيادة المحافظ غريبي الزوبير بالتنقل مشيا على الأقدام، إلى مشاتي بريبري بومليح بالشقنة ومشاتي من أولاد عسكر في ظروف مزرية لإيصال المؤونة إلى العائلات المدفونة تحت الثلوج، وهو ما قامت به أيضا جمعية الفجر بمساعدة مرضى السرطان. وفي السياق ذاته، لا يزال السكان جد متذمرين من المنتخبين المحليين الذين عجزوا عن التحكم في الوضعية، والوصول إلى مشاتي وقرى المداشر، حتى أن هناك منتخبين غادروا البلديات المعزولة وظلوا ماكثين بالمدن الكبرى في حين تعرّض العديد من الأميار لانتقادات لاذعة من قبل السكان لعدم تدخلهم في بعض الحالات الحرجة. والأكثر من هذا، فإن بعض المقاولين استغلوا الوضعية للربح السريع، حيث كشفت مصادرنا، لجوء سكان منطقة أساكة الواقعة على بعد حوالي 05 كلم عن مقر بلدية تاكسنة جنوبا، إلى جمع مبلغ مالي بحوالي 4 ملايين سنتيم، قصد كراء إحدى المقاولات الخاصة لفتح المسلك الرابط بين هذه الأخيرة ومنطقة أولاد غشام على مسافة حوالي 3 كلم. يحدث هذا في وقت يجري فيه الحديث عن وفاة عنصر من الحرس البلدي التابعين لمفرزة بيدة على الحدود الواقعة بين ولايتي جيجل وسطيف والتابعين إداريا إلى هذه الأخيرة. من جهة أخرى، اتصلت مجموعة من المواطنين المحاصرين بالثلوج بمنطقة إيراقن سويسي، الذين تحدثوا عن وضعية جد مزرية، بعد أن لجأوا إلى طهي أغذية المواشي، لا سيما “النخالة” لإنقاذ أبنائهم من الموت المحقق، وكذا البحث عن الأرانب البرية الهاربة من قساوة الطبيعة. كما تم تسجيل انهيار عشرات المساكن بمنطقة الفريانة بأعالي تاكسنة، مما أدى إلى جعل أصحابها منكوبين ومعظمهم لجأ إلى أحد المواطنين لإيوائهم، كما انهار مسكن على عائلة بقرية بركاس بالشقفة، حيث تم نقلها إلى ابتدائية أحلالة للتكفل بها. من جهة أخرى تعرف أسعار قارورات الغاز ارتفاعا جنونيا، بعدما وصل سعر القارورة الواحدة بمنطقة برج علي بالسطارة لأزيد من 1000 دج، دون الحديث عن أسعار الخضر والفواكه الذي تعدى سعر الكلغ الواحد من الجريوات 150 دج.