وصفت المعارضة الروسية النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية الروسية ب”المعدة سلفا”، مشيرة إلى أنها تعتبر فوز فلادمير بوتن في الانتخابات بنسبة 65 بالمائة لا يتواءم مع الحجم الحقيقي لإرادة الشعب الروسي الذي قاطع 47 بالمائة منهم الانتخابات في موسكو، كما أكدت على ذلك لجنة مراقبة الانتخابات الروسية. وقفت المعارضة الروسية عند زاوية نسبة مقاطعة الانتخابات للتأكيد على أن فوز بوتن يظل ناقصا ولا يعطيه صفة زعيم الأمة بحق، كما بات يروج له الإعلام الروسي، ورغم أن بوتن تمكن من حصد أزيد من 66 بالمائة من أصوات الناخبين، مما جعله يفوز بالرئاسة للمرة الثالثة دون اللجوء إلى جولة الإعادة، إلا أن المعارضة الروسية شددت في انتقادها للحدث مشيرة إلى جود عمليات تزوير واسعة النطاق على مستوى معظم مراكز الاقتراع في روسيا، واستدلت المعارضة الروسية بأن هناك شريحة كبيرة من الشعب الروسي لا تؤيد تولي بوتن لعهد ثالثة نظرا لما تمر به البلاد من أزمات اقتصادية حادة وانتشار الظواهر الاجتماعية الخطيرة التي لا تزال تعصف بنسيج المجتمع الروسي. وأدى فوز بوتن في الانتخابات إلى اتساع هوة الخلاف بين المعارضة الروسية والنظام الروسي، فرغم ما تعهد به بوتن من إصلاحات وإنه سيقوم على إعطاء المعارضة الروسية مزيدا من الصلاحيات، إلا أن المعارضة توعدت بتصعيد موجة الاحتجاجات التي كانت انطلقت منذ ثلاثة أشهر عندما أعلن بوتن عزمه الترشح، وكانت الطبقة الوسطى التي بدأت الحراك ضده في إشارات واضحة بأنها لا تحبذ حكم بوتين، ويقف بوتن اليوم أمام عدة ملفات داخلية وخارجية سيما فيما يخص مكافحة الفساد والرشوة، وضمان استقلالية القضاء، ودعم قطاع الأعمال الصغيرة والمتوسطة لتأمين استقرار الطبقة الوسطى ونيل ثقتها، والأهم إجراء مراجعة اقتصادية شاملة بهدف التخفيف من اعتماد روسيا على صادرات النفط والغاز والخامات، وبناء اقتصاد أكثر تطوراً وقدرة على المنافسة، واجتماعياً لابد من تخفيف حدة الاحتقان بتبني سياسات تخفف من الفروق بين أبناء المجتمع الذي أصبح شرائح مختلفة مع تفاوت مستويات الحياة بين طبقة غنية تعيش حياة بذخ ورفاهية، وأخرى تكدح من أجل حياة كريمة.، وهي تحديات تعتبر حسب المعارضة الروسية كفيلة بالإطاحة به قبل انتهاء العهدة الرئاسية القانونية له المقررة هذه المرة بستة سنوات. علال محمد الدبلوماسي الروسي السابق فيتشسلاف ماتوزوف ل”الفجر” ”مصالح روسيا الخارجية وسياستها الداخلية تحتاج إلى شخصية بوتن” هل يمكن القول أن بوتن فاز بالرئاسة منذ أن أعلن ترشحه شهر سبتمبر الماضي ؟ بوتن هو الخيار الحقيقي الذي تحتاجه روسيا في الفترة الحالية، ولا يوجد بديل له نظرا لتاريخه في دعم قضايا وتحقيق سياستها ، ولا يمكن القول أن بوتن فاز بالانتخابات الرئاسية بمجرد أن أعلن ترشحه، لأن القرار في الأخير في يد الشعب الروسي الذي هو على قناعة تامة بضرورة ألا يفوت فرصة التغيير هذه للحصول على ست سنوات من الإصلاحات لمواجهة التحديدات الداخلية والخارجية تحديدا. ^ ما هي أبرز التحديات التي تواجه بوتن الذي من المقرر أن يعود رئيسا للبلاد بعد أسبوعين من الآن؟ لا يمكن التقليل من أهمية مواقف المعارضة الروسية، وأعتقد أن تصريحات بوتن الأخيرة حملت تطمينات كبيرة للمعارضة بضرورة الاتحاد لمواجهة التحديدات الكبيرة، شخصيا أعتقد أن الأزمة السورية وعلاقات روسيا مع الدول الإستراتيجية هي أبرز التحديدات فضلا عن أزمة التسلح الدولية وانتشار التنظيمات المسلحة الدولي، روسيا لا تعمل في معزل عن الحراك الدولي لهذا فقضية الدرع الصاروخي والأزمة الاقتصادية العالمي تبقى أيضا أبرز الملفات التي ستحرك سياسية روسيا في المرحلة القادمة. ^ هل تتوقع تغييرا في الموقف الروسي تجاه الأزمة السورية تحديدا بعد تولي بوتن؟ بوتن هو رئيس الوزراء حاليا وفي حال فاز بالانتخابات الرئاسية فسوف يواصل العمل وفق أجندة مصلحة روسيا وحماية حقوق الإنسان وضمان عدم انزلاق الأوضاع في سوريا إلى سيناريو الحرب الأهلية، فالتدخل العسكري مرفوض. أعتقد أن موقف روسيا في المرحلة القادمة لن يحيد عن هذا الخيار وسنسمع قريبا قرارات عملية من روسيا لدعم مسيرة حماية المدنيين لا أكثر أو أقل. فسياسة روسيا تجاه هذا الملف لا يمكن أن تعمل خارج إطار عدم التدخل في شؤون الدول كاملة السيادة والتي يجب أن تترك قرار مصير زعماها دائما إلى الشعوب. علال. م المحللة الروسية يلينا سوبونينا ل”الفجر” ”نتائج الانتخابات تحافظ على 75 % من العلاقات الروسية الجزائرية” اعتبرت الخبيرة والمحللة الروسية يلينا سوبونينا رئيسة قسم آسيا والشرق الأوسط في المعهد الروسي للدراسات الإستراتيجية، أن سياسة روسيا ظلت لعقود من الزمن تحرص على النظر لعلاقتها مع الدول العربية تحديدا بكثير من الأهمية، وهي تدعم مسيرة الإصلاحات السلمية في الدول العربية نظرا للعلاقات الكبيرة والإستراتيجية. وأوضحت الخبيرة أن الأوضاع التي تمر بها العديد من الدول العربية ومنها الجزائر تحمل دلالات كبيرة نحو التغيير، مما يدفع بروسيا إلى دعم مشروع الإصلاحات السياسية الجزائرية التي ستشهد هي الأخرى انتخابات برلمانية قريبا. وقالت يلينا في هذا السياق: ”تمتد العلاقات الجزائرية الروسية على عدة مستويات عسكرية وسياسية وحتى خارجية، حيث أن الموقف الجزائري والروسي تجاه العديد من القضايا الدولية متوافق إلى حد كبير”. وأضافت: ”سياسة بوتن هي ضمان علاقات عسكرية جيوإستراتيجية والجزائروروسيا تربطهما العديد من الصفقات واتفاقيات بناء الثقة التي تخدم مصالح روسيا في بلد يمتلك كل مؤهلات دعم سياسة روسيا، وهو ما سيحرص بوتن على عدم المراهنة على خسارة تلك المصالح”. وقالت: ”روسيا تجد منافسة كبيرة في السوق الجزائرية تحديدا من فرنسا والولايات المتحدة، ولكن المخططات التنموية بين الجزائروروسيا قادرة على تحقيق أعلى مستوى من المصالح المتبادلة وتجاوز العراقيل، ويؤدي فوز بوتن إلى الحفاظ على تلك الاتفاقيات بنسبة كبيرة جدا”.