يعاني قطاع السياحة في ولاية سكيكدة من نقص فادح في هياكل الاستقبال وفي المنشآت الفندقية بمختلف أحجامها وأصنافها، ويفتقر للتجهيزات السياحية، فعلى طول الشريط الساحلي يتجاوز 160 كيلومتر لا تتوفر شواطئ الولاية لحد الساعة على فنادق عصرية، بدءا بالفنادق ذات الخمسة نجوم إلى أبسط الطرق السياحية والبيوت العائلية. السياحة في سكيكدة مريضة ومديرة القطاع تحمل جزءا من المسؤولية للبنوك التي لا تقدم الدعم ولا ترافق المستثمرين في مشاريعهم. حتّى المخيمات العائلية التي أقيمت في بداية الثمانينيات ببعض البلديات السياحية اختفت من الوجود، ومنها ما تحول إلى مقر للشركات الأجنبية والوطنية، ومنها ما تم الاستغناء عنه كليا رغم الحاجة الملحة للمصطافين الذين ظلوا على مدى عشريتين يتوافدون على هذه المخيمات بأعداد كبرى، بالنظر لانخفاض سعرها وقربها من الشواطئ ذات الإقبال الكبير في الصيف، ولتوفّرها على المرافق والشروط الضرورية كالمياه والصرف الصحي والطرق والقرب من المراكز التجارية والخدماتية. ومن المعلوم أن ولاية سكيكدة غدت خلال العشرية الماضية أحد الأقطاب السياحية الكبرى بالوطن، وتمتلك شواطئ نادرة وطنيا ولها شهرة عالمية، كشاطئ دم البقرات بالمرسى ووادي بيبي ووادي طانجي ببلدية الزويت وشاطئ تامانار بالقل والشواطئ الجميلة ببلدية واد الزهور عند الحدود مع ولاية جيجل، وكانت هذه الشواطئ إلى وقت قصير محل اهتمام السياح الأجانب رغم قرار منع أغلبيتها أمام حركة الاصطياف لأسباب أمنية، وعدم توفرها على الوسائل الضرورية كالطرق المؤدية إليها والإنارة العمومية والشبكات المختلفة.ويبدو واضحا منذ سنوات عديدة أن حركة الاستثمار المحلي والوطني، وحتى الأجنبي، متوقفة، ولم تتمكن وزارة السياحة وهياكلها المحلية من إنعاشها وإحداث وثبة حقيقية تمكن من استغلال القدرات السياحية الهائلة لهذه المنطقة، فمنذ سنة 2005، تاريخ الشروع في إقامة تسع مناطق سياحية على الشريط الساحلي، لم يتم تجسيد مشروع سياحي واحد ذي أهمية والتي لو طبقت عليها الإجراءات التقنية والإدارية السارية المفعول بالنسبة للسياحة لتم غلقها نهائيا، وخلافا لذلك تعرضت بعض هذه المناطق إلى انتهاكات واضحة تمثلت في إقامة سكنات فردية وجماعية من طرف الخواص وحتى المجالس الشعبية البلدية وخرق القانون الذي حدد مسافة 3 كيلومتر بين الشواطئ واليابسة قبل إقامة أي أعمال للبناء. وإذا كانت المناطق السياحية التسعة مازالت منذ سبع سنوات محددة في الخارطة الجغرافية لمديرية السياحة لا غير، فإن محيط هذه المناطق يفتقر لأبسط الوسائل الأساسية كالطرق المعبدة وتوصيل شبكات المياه والغاز والكهرباء والهاتف وتهيئة المحيط الذي يحيط بكل منطقة على حدا بعض هذه المناطق تقع داخل غابة كثيفة، يتطلب إلى جانب ذلك عمليات تكميلية وإضافية قد تستغرق وقتا أطول قبل أن تتحول إلى منطقة سياحية. وكان من المفترض أن تلعب الوزارة وهياكلها المحلية دورا محوريا لإقناع السلطات بمدها بهذا البرنامج، الذي لا يجري الحديث عنه إلا في الكواليس والمجالس الخاصة. وباستثناء العمليات التي تقوم بها اللجنة الولائية المكلفة بتحضير موسم الاصطياف كل سنة والمتمثلة في توصيل مياه الصرف الصحي والإنارة لشواطئ الولاية المسموحة على مراحل، وهي عمليات محدودة من حيث الوسائل المالية والزمن، فإن لا شيء تم لحد الآن في إطار وطني شامل، مع العلم أن هذا القطاع - حسب بعض المتخصصين - يمكن أن يقضي على شبح البطالة كليا في الولاية إذادخل بالفعل مرحلة حقيقية في الاستثمار الوطني والأجنبي الحقيقي والشامل والبعيد الأمد. وما يعيق الاستثمار في مجال السياحة بالولاية يكمن بصفة خاصة عدم توفر المستثمرين الوطنيين على الأموال الكافية لإقامة برامج ومشاريع كبرى بأموالهم الذاتية، والبنوك لا تلعب من جانبها الدور المنوط بها في دعم ومرافقة المستثمرين، حسبما أكدته مديرة السياحة للولاية ل”الفجر”، ومازالت هذه البنوك تتعامل مع هذا الجانب بذهنية قديمة وتخوفات من الإقدام على عمليات دعم غير محسوبة وغير مدروسة قد تنقلب على رأس مسيري هذه البنوك، والمثال واضح، ويتجسد في بناء مشروع لبناء فندق ذي 5 نجوم يوشك على الانتهاء بالمركز الشاطئ رقم 7 بمنطقة بن مهيدي الذي كلف صاحبه 240 مليار سنتيم، ومازال لم ينته بعد ويتطلب مزيدا من الأموال قد تصل إلى نصف المبلغ المذكور أو تفوق. اللافت أن القطاع لا يمكن، حسب بعض المستثمرين، الذين يرغبون في خوض تجربة استثمارية بشواطئ الولاية إستراتيجية واضحة لحد الساعة ولا حتى رؤية حقيقية لما يجب القيام به بشأن مناطق التوسع السياحي، وكذلك نوعية المنشآت وهياكل الاستقبال المراد إقامتها سواء بشواطئ سكيكدة أو حتى على الصعيد الوطني، والأمر بات - حسبهم - يتجاوز الوزارة وهياكلها القاعدية ويستدعي خطة وطنية كبرى للنهوض بهذا الجانب الاقتصادي والاجتماعي الضخم، والذي يعد المستقبل الأكيد للوطن.