صدرت، مؤخّرا، عن دار سخري للطباعة بوادي سوف، رواية من الحجم الصغير تقع في 132 صفحة، للرّوائي والقّاص الشّاب أصيل مدينة بوسعادة محمّد الأمين بن ربيع، بعنوان ”عطر الدّهشة”. وقد وزّع الرّوائي سرده على سبعة فصول حاول من خلالها مقاربة إشكالية بحث الإنسان عن هويّته وذاته داخل وطنه وخارجه، مقاربة أقلّ ما يقال عنها أنها تهمّ الإنسان العربيّ في عصرنا الحالي كونها تقترب من نموذج يوجد مثيل له في كلّ مكان. وقد أبدى الرّوائي مقدرة على التحكّم في تقنيات السّرد، وذلك من خلال تلاعبه بعنصر الزّمن عن طريق التقديم والتأخير في فصول الرّواية؛ حيث بدأ الرّوائي روايته بالفصل الموسوم أول المواعيد أولى الخيبات وهذا الفصل من حيث الزمن يعتبر آخر مرحلة من مراحل السّرد، حيث يضعنا الروائي أمام بطل روايته وهو واقف أمام باب منزله بعد غربة دامت سبع سنوات، ويكشف لنا من خلال هذا الفصل عن بعض التفاصيل المتعلّقة بالأسباب الكامنة وراء العودة، ليعود في الفصل الثاني بالسرد إلى الخلف إلى السنة الثانية من تواجد البطل في فرنسا، مسلّطا الحديث على لقاء تمّ بينه وبين صديق له أسفر لاحقا عن امتناع هذا الأخير عن العودة إلى أرض الوطن، مفضّلا ”الحرڤة” إلى ما وراء البحر. وفي الفصل الثالث ”ما بقي من المرافئ”، يسهب الرّوائي في وصف حالة هذا الطارئ الجديد على حياة البطل والأسباب الحقيقية التي دفعته إلى البقاء في فرنسا بصفة غير شرعية. أمّا الفصل الرّابع الموسوم ب”اليخطئُهم الحبّ”، فهو عبارة عن كشف لخبايا مواجع قلب هذا البطل. وعن خيبته بفقدانه لمن يحب أو خيانته له كما يراها هو نفسه. ”دولا كروا مرّة أخرى” هو عنوان الفصل الخامس الذي يكشف فيه الروائي عن مدى الضّيق الذي كابده البطل بعد أن لاحظ كلّ ذلك الاستنكار البارز من أفراد عائلته بسبب عودته اللامبرّرة. ليعود بنا السرد مرّة أخرى إلى الخلف إلى السنة الأولى من إقامة هذا المهندس الجزائري البطل في فرنسا. ويضيء الرّوائي من خلال هذا الفصل ”مواعيدنا الافتراضية” نقاطا معتمة عن حقائق الاغتراب والمعاناة التي تلحق كلّ مغترب، ويختم روايته بفصل مواسم الحبّ والحنين، وهو الفصل الذي يكشف لنا فيه السارد أخيرا عن سبب عودة البطل إلى الجزائر وعن الحب الذي تركه خلفه جنينا لم يولد بعد. هذه الرّواية تعتبر الأولى في رصيد الكاتب الشاب الذي يشغل حاليا منصب أستاذ اللغة العربيّة في التعليم الثانوي، في حين ينتظر صدور مجموعته القصصية الأولى الموسومة ب”دوالي اغتيال هابيل”، بالإضافة إلى أنه متحصّل على عديد الجوائز الوطنيّة، كجائزة فنون وثقافة في القصّة القصيرة، وجائزة عبد الحميد بن هدوڤة، وجائزة عبد الحميد بن باديس، وكذلك جائزة محمّد العيد آل خليفة في القصة القصيرة دائما.