فاجأ حزب جبهة القوى الاشتراكية، في اللقاء الذي خصه أمس للتعريف بمتصدري قوائم مترشحي الحزب في 42 ولاية بقاعة سينما “سيرامايسترا”، بتجاهله التام لوفاة الرئيس أحمد بن بلة، وكأنه حدث لا يعني لا للجزائر ولا للحزب أي شيء. فبعد إعلان افتتاح اللقاء من قبل مديرة الحملة الانتخابية بالعاصمة، كريمة بوضياف، ودعوتها الحاضرين إلى الوقوف للنشيد الوطني، ثم الوقوف مرة ثانية دقيقة صمت ترحما على “أرواح شهداء الثورة و شهداء الديمقراطية”، دون أن تخص أحمد بن بلة بالذكر، راح السكرتير الأول للأفافاس، علي العسكري، يتلو مداخلته الافتتاحية حول موضوع اللقاء، متجاهلا بدوره فقدان الجزائر أول رئيس لها في الجزائر المستقلة. ففي الوقت الذي كانت فيه الصحافة الوطنية تنتظر استدراك السكرتير الأول للحزب هذا الأمر، وترقبت قراءته رسالة من زعيم الحزب، حسين آيت أحمد، يعزي فيها الجزائر فقدانها الرئيس أحمد بن بلة، ويواسي عائلة الفقيد على غرار أغلب الشخصيات الوطنية والمجاهدين ورؤساء الأحزاب و المنظمات وحتى الشخصيات العربية والعالمية، ورؤساء العديد من الدول، واصل العسكري مداخلته فاتحا المجال لمتصدرة قائمة بسكرة للانتخابات التشريعية المدعوة “حواني أسماء”، باعتبارها أصغر مترشحة تبلغ من العمر 26 سنة، لتتلو الخطوط العريضة التي يقوم عليها برنامج الحملة الانتخابية للأفافاس، وتقرأ بعدها التعهد الشرفي الذي أمضاه فيما بعد متصدرو قوائم الحزب في 42 ولاية، بعد أن عرفوا بأنفسهم واحدا واحدا، وألقوا كلمات قصيرة حول المنافسة الانتخابية وما تمثله للحزب وللمواطنين. ويكون الأفافاس قد فوت تأبين أول رئيس للجزائر المستقلة، قبل أن يدفن بساعات، ليس سهوا بل تعبيرا منه عن موقف الزعيم “الدا الحسين” من أحمد بن بلة، الذي يبدو أنه لم يغفر للرجل وصفه في تصريحاته الأخيرة لمجلة “جون أفريك” الصيف المنقضي، بأن آيت أحمد “قبائلي أكثر منه جزائريا”، إلى جانب تبنيه تدبير الهجوم المسلح الذي شن على بريد وهران، مكذبا بذلك زعيم الأفافاس الذي قال في كتابه “ذاكرة محارب” أنه هو من دبره، فضلا عن اختصار المرحوم بن بلة الثورة في شخصه، حين قال بالحرف الواحد في ذات الحوار “أول نوفمبر هو أنا”، و هو كلام لم يرق آيت أحمد الذي يعد واحدا من قادة الثورة، وربما السبب الذي جعله يتجاهل وفاة بن بلة بهذه الطريقة غير المقبولة وغير المبررة.