قدّر الخبير الاقتصادي، عبد المالك مبارك سراي، متوسّط تكاليف إنجاز حملة انتخابية من طرف حزب سياسي مرشح للتشريعيات القادمة ب20 مليار سنتيم، في الوقت الذي قال فيه إن كبار الأحزاب الناشطة في الساحة الوطنية تنفق ما يعادل 10 ملايير سنتيم، في حين تبلغ تكاليف الأحزاب المتوسّطة 5 ملايير ويكتفي صغار المترشّحين بما وصفه ب ”البقشيش”. وصرّح سراي في لقاء ب”الفجر” أن المبالغ المالية التي من المنتظر أن تسلمها وزارة الداخلية والجماعات المحلية لاحقا للأحزاب مقابل الحملات الانتخابية الخاصة بتشريعيات 10 ماي القادم لا تعادل ولو بجزء بسيط قيمة الأموال المنفقة والتي قال إنها ”أكبر بكثير” في الوقت الذي وصف فيه الحملات الانتخابية التي انطلقت منذ يومين ب ”غير الاحترافية” و”المتقشفة” بالنظر إلى أنها غير قابلة للوصول إلى كافة شرائح المجتمع، إضافة إلى عجزها عن استعمال إمكانيات ضخمة على غرار تلك المعتمدة في الدول الغربية وافتقادها لسياسة ”الماركوتينغ”. 20 مليار سنتيم تكاليف حملة انتخابية ناجحة واعتبر ذات المتحدّث أمس في تصريح خص به ”الفجر” أن حملة انتخابية معقولة لحزب سياسي يحضر لدخول غمار التشريعيات تستنزف 20 مليار سنتيم من الناحية الاقتصادية كأدنى حد لضمان الوصول إلى 36 مليون جزائري بأرض الوطن وملايين المهاجرين بالخارج، كما قال هذا الأخير إن الحملة الانتخابية تتطلب تسطير برنامج اقتصادي واجتماعي ونسخه في مطبوعات لا تقل عن 200 صفحة و8 ملايين نسخة وتوزيعها عبر كافة ولايات الوطن إضافة إلى نسخ صور للمترشحين تحمل دلالات سيميولوجية، ناهيك عن تجنيد ما يعادل 400 شخص عبر كل حزب لمباشرة هذه الحملة في الوقت الذي يجب أن تكون هذه الحملة مسبوقة بدراسة نفسية وبسيكولوجية عن طبيعة الناخبين وأهدافهم وطموحاتهم، كما أنه من المفروض أن تعتمد هذه الأحزاب على كافة التقنيات والتكنولوجيات الحديثة على غرار الأنترنت والهاتف وتسطير مواقع إلكترونية وتسخير الفايسبوك والتويتر وغيرها دون إقصاء أية شريحة من شرائح المجتمع، زيادة على تنظيم عدد ضخم من اللقاءات المباشرة بالمواطنين واعتماد أساليب الإشهار والإعلان عبر مختلف الدعامات ووسائل الإعلام الخاصة والعمومية والمسموعة والمرئية والمقروءة وهو ما يكلف مبالغ مالية طائلة. من 5 إلى 10 ملايير للأحزاب الكبرى والمتوسّطة و50 مليونا لصغار المترشحين وفيما يخص النفقات التي يصرفها المترشحون ورؤساء الأحزاب في الجزائر، أوضح سراي أنها تتراوح ما بين 5 و10 ملايير سنتيم للأحزاب الكبيرة والمتوسطة في الوقت الذي قد تصل فيه هذه الأخيرة إلى عشرات الملايين فقط أو ما يعادل 50 مليون سنتيم لبعض المترشحين الصغار الذين لا يمتلكون إمكانيات مالية ضخمة. كما انتقد برامج الحملات الإنتخابية في الجزائر والتي قال إنها ”جد محدودة ولا تتضمن برامج اقتصادية واجتماعية”، كما أنها ”لا ترضي طموح المواطن البسيط وغير واضحة لنسبة كبيرة من الجزائريين بسبب الأسلوب المنتهج فيها وعدم تضمنها لتقنيات الاتصال والإعلام وفنون التعامل مع الناس وهو ما يجعل برامج معظم الأحزاب غير واضحة”. ووصف ذات الخبير الحملات الانتخابية للأحزاب السياسية الناشطة في الساحة الوطنية بالمفرغة من البرامج التسويقية التي من شأنها إيصال الأفكار للمواطن الجزائري، كما قال إنها ”لا تتضمن أي برامج اقتصادية لمواجهة مشكلة الأسعار المرتفعة وندرة المواد الاستهلاكية وتحسين مستوى الأجور وحل أزمة السكن”. واعتبر سراي أن بعض الأحزاب تعتمد فقط على الفايسبوك لتخفيض النفقات وهو ما أكّد أنه ”يقصي شريحة كبرى من المجتمع والمتمثلة في 3.2 ملايين عامل بسيط، 1.2 مليون فلاح و 1.8 مليون بطال”، الأمر الذي يدعو إلى عدم إغفال الوسائل الأخرى على غرار اللقاءات المباشرة التي تتطلب كراء قاعات والمطبوعات والمنسوخات والدعامات الإعلانية. تجنيد الماركوتينغ والمناجمنت وأحدث تقنيات الإشهار والدعاية وأضاف مبارك سراي أن الحملة الانتخابية تتطلب أيضا من رؤساء الأحزاب والمترشحين التحكم في مختلف تقنيات الاتصال من خلال اللعب على الدلالات السيميولوجية على غرار اللباس المعتمد في الخطاب وطريقة الجلوس والتواصل وهو ما يستلزم ميزانية مالية ضخمة لاسيما وأن مثل هذه الأمور من شأنها شد انتباه الناخب وجعله مستعدا للإستماع إلى البرامج والأفكار المقترحة من طرف الناخب. وفي سياق ذي صلة، دعا سراي إلى ضرورة توفير كل حزب لخلية اتصال تتضمن 6 أشخاص على الأقل قادرة على تحديد نقاط القوة والضعف للحزب وتنظيم لقاءاته المختلفة مع الناخبين عبر جل خرجاته وكذا تضمن التواصل الدائم مع مختلف وسائل الإعلام.