تشهد العديد من البلديات، لاسيما المعزولة منها، بولاية سطيف، اضطرابا حادا في التزوّد بالمياه الصالحة للشّرب، حيث أجمع السكّان أن المياه لا تزور حنفياتهم إلاّ مرة واحدة في الشهر أو شهرين لمدة لا تتعدى ساعة، وهو الأمر الذي دفعهم إلى اقتناء الصّهاريج التي تكون في الغالب أسعارها مرتفعة نتيجة الطلب المتزايد عليها، حيث يتراوح ثمنها ما بين 700 و 1000 دج. هذه الوضعية باتت محل تذمر السكان، خصوصا أن هذه المادة تعتبر عنصر الحياة ولا يمكن الاستغناء عنها لتعدد احتياجاتها، الأمر الذي يدفع بعض العائلات للجوء إلى الدلاء عن طريق إرسال فلذات أكبادها إلى الينابيع والآبار المتواجدة تحت سفوح الجبال وضفاف الوديان والبعيدة لمسافات طويلة في سبيل الحصول على كميات قليلة من هذه المادة الحيوية، حيث يضطر الأطفال الصغار إلى قطع كيلوميترات عديدة للبحث عن الماء، الذي يصعب التخلي عنه في كل الأحوال. وهنا يأتي دور الوسيلة المعروفة لدى سكان كل من بلديات ذراع قيبلة عين لقراد وبني موحلي وبني شبانة وغيرها، وهي الحمير لجلب المياه، وهي الوسيلة الوحيدة - حسب السكان - التي تسطيع اختراق المسالك الوعرة في تلك المناطق الجبلية وتبلغ الهدف المنشود. ويشير السكان إلى أن معاناتهم تتفاقم مع اقتراب فصل الصيف، الأمر الذي حوّل حياتهم إلى جحيم لا يطاق رغم الاحتجاجات التي بادروا إليها عدة مرات، كان آخرها تلك الوقفة التي اعترضت موكب وزير الموارد المائية السيد عبد المالك سلال بمنطقة الديس، وكذا احتجاجات سكان قرية أفتيس التابعة لبلدية بوعنداس بالشمال الغربي للولاية كتعبير منهم عن رفضهم لهذا الوضع المزري ولإيصال صوتهم إلى الجهات المختصّة، إلاّ أنّه لا حياة لمن تنادي. وتبقى أزمة العطش تنغص عليهم معيشتهم اليومية، خاصة سكان المناطق الشمالية للولاية على غرار كل من دائرة ماوكلان، بني ورتيلان، حمام قرقور، بوعنداس وبوڤاعة، حيث ظل السكان العطشى ينتظرون من سنة لأخرى الوعود المقدمة لهم الخاصة بتزويد حنفيات منازلهم بالماء، إلا أن ذلك لايزال مجرد كلام زائف رغم أنّ ولاية سطيف تعرف بمشروع التحويلات الكبرى الذي يعتبر من أكبر الإنجازات على المستوى الوطني للنهوض بمنطقة الهضاب العليا فيما يخص هذا المجال، إلا أن وضعية السكان لم تتغير، حيث يرفع هؤلاء نداءاتهم ومطالبهم إلى السلطات الولائية والجهات المسؤولة بضرورة التعجيل في تزويدهم بهذه المادة الحيوية وفي أقرب الآجال لوضع حد لمعاناتهم اليومية مع جفاف حنفياتهم ورحلة البحث عن الماء. من جهتها مصالح الري بالولاية أكدت على انطلاق أشغال كافة المشاريع تقريبا المقررة لسنة 2012 التي وقفت عليها “الفجر” في أعدادها السابقة، وحسب ذات المصادر فإن القضاء على أزمة العطش في الولاية من بين أهم أهداف البرنامج السنوي قبل نهاية سنة 2012.