استحوذت العطور المركبة على عقول الجزائريين من مختلف الفئات العمرية، بعدما وفرت لهم الماركات العالمية بأسعار مغرية يصعب مقاومتها، وهو ما جعلهم يتجاهلون آخر الدراسات التي تحدثت عن خطورة استعمالها على الجهاز التنفسي وكذا إمكانية تسببها في سرطان الجلد. دق المختصون عبر كافة أنحاء العالم ناقوس الخطر حول استعمال العطور المركبة وأعراضها الجانبية التي تفتك بجسم الإنسان، في الوقت الذي تعرف هذه التجارة انتشارا منقطع النظير في الجزائر، بعد ظهور محلات جديدة لبيع وتحضير الأنواع والماركات العالمية، بحلة مختلفة تشبه كثيرا محلات العطارة القديمة، يقصدها الشبان كما الكبار لما توفره من طلب متزايد بأسعار معقولة، متجاهلين بذلك كل التحذيرات والنتائج التي توصلت إليها الدراسات حول خطورة الموضوع. ومن أجل التقرب من الموضوع ارتأت “الفجر” التقرب من الجهات المختصة للتحقق من واقع الأمر وإلقاء الضوء عليه. مواطنون أدمنوا اقتناء “الماركات العالمية” بأسعار منخفضة ساهمت أسعار هذه العطور بشكل كبير في استقطاب أكبر عدد من الزبائن، وهو ما حولها إلى قبلة طبقات متفاوتة من المجتمع. وفي هذا السياق يقول أحد بائعي هذه العطور:”لعل الميزة الأهم التي تطبع هذا النوع من العطور أسعارها المعقولة، فهي تتراوح بين 200 و600 دج حسب حجم القارورة ونوعيتها أيضا، فقارورة تتسع ل 20 ملل تباع ب 200 دج، و50 ملل ب 400 دج و100 ملل ب 600 دج، ولهذا تعرف تهافت الزبائن في مختلف المناسبات والأفراح”. هذه الأسعار أغرت الكثير من المواطنين الذي تحولوا إلى زبائن أوفياء لهذا المنتج، من بينهم عادل، الذي يقول إنه لا يستغني عن هذا النوع من العطور لأنه يساعده كونه ليس عاملا، وكونها تلبي رغبته كماركة عالمية. أما إيمان فهي تقتني ثلاثة أو أربعة مستخلصات يوميا، وتقول إنها تحبذ هذه العطور خاصة أنها زهيدة الثمن فما يساوي 100 دج مقابل مستخلص واحد ومثيلتها كثيرات. ولم تكن هذه العطور مساعدة لهذا النوع من الشبان بل كانت أيضا لمن دخلن القفص الذهبي، إذ تقول أحلام: ‘'كوني أعمل ضمن الشبكة الاجتماعية ولا أستطيع تلبية جميع رغباتي، وجدت غايتي في هذه العطور خاصة عندما كنت عروسا، حتى أنني كنت أسأل عن نوع العطر الذي أضعه وعن ماركته، وهذا طبعا ما زاد من سعادتي، وفي الحقيقة هو لم يكن إلا عطرا بسيطا..”. أعراضها الجانبية بدأت تثير الريبة.. من جهة أخرى، يشتكي الكثير من مستعملي هذه العطور من بعض الأعراض والمؤثرات الجانبية، وفي هذا السياق تقول حنان التي أدمنت استعمال هذه العطور لسنوات:”أن تكون هذه المواد واسعة الاستعمال لا يعني أنها لا تسبب مشاكل صحية خاصة إذا كانت البشرة حساسة”، وذلك بعدما تعرضت لطفح جلدي في الأماكن التي تضع عليها هذا العطر. نفس الشيء بالنسبة للسيدة كريمة التي أضافت في الموضوع قائلة “إن هذا النوع من العطور حتى وإن كان ذا أصل أوروبي، ويتم تركيبه أمام أعين الناس، إلا أنه تسبب في تدكين المنطقة التي أضعه فيها، لذا خففت من شرائي له بعد أن كنت مدمنة عليه”. أما سيدة أخرى فقد تسببت لها بحساسية في الجلد لإفراطها في استعمالها شهورا عديدة، خاصة زيوت العطور المركزة. الزيوت العطرية قد تسبب سرطان الجلد أكد طبيب الأمراض الجلدية، امدالي نبيل، أن استعمال الزيوت العطرية الغير خاضعة للشروط قد يتسبب في غلق مسامات الجلد، وهو الأمر الذي من شأنه أن يحدث مضاعفات على البشرة قد تصل إلى حد الإصابة بسرطان الجلد، مؤكدا بذلك خطورة استخدام تلك العطور المركبة فهي تحتوى مواد مجهولة تؤدى إلى إصابة الجلد بحساسية شديدة قد تتطور إلى إكزيما جلدية يصعب علاجها لو تحولت لأكزيما مزمنة، مضيفا أنه قد تتسبب هذه المواد فى تكوين فقاقيع على سطح الجلد مليئة بالسوائل يستغرق علاجها فترات طويلة، فضلا عن تخليف تلك الفقاقيع لآثار سوداء اللون على سطح الجلد يصعب علاجها بسهولة، مؤكدا إمكانية إصابة الجلد بتجاعيد مبكرة نتيجة استخدامها. مكونات العطور المركبة تهاجم الجهاز التنفسي وتقتل مرضى الربو وحذر أخصائي الأمراض التنفسية، الدكتور شهاب علي، من خطورة استعمال الزيوت العطرية الخطيرة والمركزة في تركيبة العطور على الجهاز التنفسي، مؤكدا أن استعمالها قد يؤدي إلى ما يسمى بالالتهاب التحسسي للجيوب الأنفية. وأوضح أنه باستنشاق تلك المواد تعمل على سد إفرازات الجهاز التنفسي مع حدوث تشنجات في العضلات، ما يسبب أزمة تتطور مع الاستنشاق الدائم إلى أزمة ربو، وحدوث أزمات حادة في التنفس قد تؤدي إلى الوفاة بالنسبة للحالات المتقدمة. أما الأشخاص الذين عانوا أزمة ربو بالفعل، فإنهم يصابون مباشرة بأزمات حادة تصل إلى الموت المفاجيء، إلى جانب الإصابة بالصداع النصفي وحالات الغثيان، ناهيك عن إصابة معظم الأشخاص بنوبات عطس حادة.