يحتار محبوّ العطور بين اقتناء تلك الأصيلة الأصلية ذات الأثمان الباهظة، إن لم نقل الخيالية في بعض الأحيان، وبين الاكتفاء بتلك المقلدة التي تختفي روائحها لحظات بعد وضعها. الآن أصبح بإمكانهم الجمع بين الاثنتين "الماركات" العالمية والأثمان المعقولة بفضل وجود محلات تحضر من مواد أولية مركزة عطورا لأكبر الشركات العالمية. محل عطور "البركة" هو أحد المحلين المتواجدين بالعاصمة والمشهورين بتحضير العطور فورا تحتَ طلب الزبون وحسب ذوقه والكمية التي يريدها عندما دخلنا المحل وجدناه يعج بالزبائن من رجال ونساء من مختلف الأعمار وإن كانت شريحة الشباب هي الأكثر توافدا، بعضهم يسارع مباشرة إلى تقديم طلبه المعتاد، في حين يلجأ البعض الآخر إلى تصفّح سجل يضم قائمة بالعطور المتوفرة في المحل والمقدرة بحوالي 280 نوع من أرقى الأنواع العالمية الشهيرة ك"شانيل" و"جيفانشي" و"هيغو بوس" و"سيروتي" و"كاشاريل" وغيرها، يختار الزبون إحداها فيسرع البائع إلى تحضيرها له بمزج الكحول بالمادة الأولية المستخلصة المتمثلة في عطر مركز خال من الكحول يتم جلبه حسب صاحب المحل من اسبانيا وبالتحديد من شركة CARBONNEL المختصة في صناعة الزيوت المستخلصة، ويتم ذلك بنسب معينة حسب طلب الزبون، إما 4% بالنسبة لماء الكولونيا و7% بالنسبة للعطر العادي و15% بالنسبة لماء العطر الذي يشكل أكبر نسبة من الطلبات. كما يوفر هذا المحل لمحبي المسك أنواعا مختلفة منه كالعنبر والعود والورد الطائفي، لكنها لا تباع في صورتها الخام ولا تُحضر في المحل وإنما تُباع جاهزة وتُجلب من فرنسا وإسبانيا والسعودية. أما فيما يتعلق بالأسعار، فهي متفاوتة بحسب الكمية المطلوبة وليس بحسب النوع بالنسبة للعطور، تتراوح بين 600 دج بالنسبة للقارورة التي تسع 100 ملل و400 دج لكل 50 ملل و200 دج ل20 ملل. أما بالنسبة للمسك، فأسعاره تختلف باختلاف النوع، ففي حين يُعتبر دهن العود الأغلى ثمنا، إذ يصل إلى حوالي 1000 دج لكل 3 ملل، نجد العنبر ب280 دج والورد الطائفي ب140 دج بالنسبة للكمية نفسها. وعما إذا كان الإقبال على هذا النوع من العطور من فئة النساء أو الرجال، أكد صاحب المحل أن الجزائري بصفة عامة ذوّاقٌ لكل ما هو جميل وخاصة العطور التي زاد الإقبال عليها في الآونة الأخيرة بفضل التفتح على العالم وعلى الفضائيات وانتشار مفهوم العطور الزيتية وجمعها بين النوعية الجيدة والأسعار المعقولة، مشيرا إلى أن الإقبال كبير من الجنسين على عكس ما هو شائع بأن النساء هن الأكثر ولعا بالعطور، فحتى الرجال يضيف المتحدث وخصوصا الشباب يعشقونها تكملة للمظهر الخارجي. وأكثر الأنواع طلبا حسب صاحب المحل هي "سيروتي" و"هيغو بوس" بالنسبة للرجال و"شانيل 5" و"آماريج" بالنسبة للنساء. وفي هذا السياق، تقول إحدى الزبونات، التي وجدناها في المحل، أنها زبونة دائمة منذ حوالي السنة اعتادت على اقتناء عطورها منه، وعن رأيها في نوعيتها، أكدت المتحدثة أنها مُقاربة جدا للعطور الأصلية ولكن بأسعار أقل منها بحوالي 10 أضعاف "نحن ذوو الدخل الضعيف محظوظون بوجود هذا النوع من العطور، فأنا شخصيا لا أستطيع اقتناء زجاجة عطري المفضلة آماريج ب5400 دج، واكتفي بمستخلصها المحضر هنا في المحل ب400 دج، صحيح أنها ليست كالأصلية إلا أنها قريبة منها وترضيني شخصيا" وفي غياب تكنولوجيا تسمح لنا بتصنيع العطور في الجزائر والكف عن استيرادها من الخارج، يبقى الجزائري أمام هذه الخيارات؛ العطور الأصلية، المقلدة، أو المستخلصات المستوردة المحضرة محليا. إيمان بن محمدز [email protected]