حنان قرقاش مع دخول موسم الصيف، يتزايد إقبال المواطنين على استهلاك العطور ومزيلات العرق، كما يتزايد عرضها، خاصة على مستوى الأسواق الشعبية وطاولات البيع المنتشرة في كل مكان تقريبا، بأسعار زهيدة، وفي الغالب فإننا نلاحظ أن تلك العطور تحمل أسماء ماركات عالمية شهيرة، يتوق الناس لاقتنائها وتجريبها، فيما يحول سعرها الخيالي الذي قد يفوق ال4000 أو 5000 دج أحيانا، بينها وبينهم، ورغم إدراك الكثيرين أن ما يعرض أمامهم من عطور تحمل نفس أسماء تلك الماركات الشهيرة، هي بالأساس عطور مقلدة، بالنظر إلى أسعارها المنخفضة التي لا تتجاوز ال400 أو 600 دج، في أحسن الأحوال، إلا أن ذلك لا يمنعهم من اقتنائها، طلبا للرائحة الزكية والمنعشة، ورحمة بجيوبهم أيضا. غير أن المشكلة ها هنا لا تتوقف عند إطار التقليد للماركات العالمية، مع الفرق الشاسع بين الأصيلة والمقلدة فيما يخص الرائحة، وفترة دوامها، وهو أكثر ما ينشده الناس في العطور غالبا، إنما يتجاوز ذلك إلى بعض المشكلات الصحية المعقدة، التي تصاحب استعمال هذه العطور، لاسيما الاستعمال المفرط لها، على مدى فترات طويلة، بالنظر إلى كونها الخيار الوحيد المتوفر والمتاح، وحجم العطور المقلدة التي يتم إغراق مختلف الأسواق بها، التي تجعل فئة عريضة من المواطنين والمواطنات خصوصا الذين ينتمون إلى طبقات بسيطة، لا تمكنهم من اقتناء عطور غالية الثمن، تقبل على شراء هذه الأنواع. ويحذر العديد من أخصائي الأمراض الجلدية والحساسية من استعمال العطور المقلدة، نظرا لمخاطرها الكبيرة، على الجلد خاصة، وعلى الصحة العامة عموما، نظرا لما يدخل في تركيبتها من زيوت منتهية الصلاحية ومواد كيمائية وكذا الزيوت المتطايرة التي قد تكون سببا في الأمراض السرطانية، وحدوث التهابات بالبشرة وغيرها من أمراض الحساسية الجلدية، حيث أن هذه المواد الكيماوية تنتقل مباشرة إلى مجرى الدم عند وضعها على البشرة وتتبخر باستمرار، فيتم استنشاق أبخرتها التي تنتقل إلى الدماغ مسببة أذى كبيرا للرئتين والأنف والعينين، لأنه عند اتحاد هذه المواد بعضها ببعض فإنها تسبب عند الاستنشاق أضرارا واضحة، منها اضطرابات في الجهاز العصبي، ودوار وغثيان وصداع وإرهاق، وفقدان التنسيق، واختلاط في اللفظ، ونعاس، وتهيج في الفم والحنجرة والعينين والجلد والرئتين والمعدة والأمعاء، وتلف في الكليتين، وفشل في جهاز التنفس، وأعراض وأمراض أخرى. هذا في ظل الجهل التام بالجهة المنتجة لهذه العطور، او بنوعية المواد التي تدخل في تركيبها. وعدا ما تم الحديث عنه من مخاطر صحية، فان العطور المقلدة، تعد مجرد تبذير وإنفاق للمال في مقابل أشياء غير ذات قيمة، لان رائحتها ليست قوية، ولا يمكن أن تثبت في الجسم أو الثياب مدة طويلة أو كافية تجعل صاحبها يستمتع بها، وهو اكبر ما ينشده محبو العطور، وبالتالي فان شرائها نتيجة لذلك، يشبه إلقاء الأموال في النار. ويطرح الخبراء والعارفون بأسرار العطور طرقا لتمييز الأصلية عن المقلدة، فالمقلدة منها يكون لون عبوتها فاتح، فيما يكون لون الماركة الملصقة على العبوة فاتحا أيضا. تكون رائحته قوية لحظة رشه فقط وتتلاشى بعد ذلك، حيث تكون نسبة المذيب أكبر وتستمر رائحته لعدة دقائق. فيما أن هناك بعض أنواع العطور المقلدة التي تسبب الحساسية في جلد الإنسان نتيجة التركيبات السيئة، وهو ما يمكن أن يلاحظه المستهلك من الوهلة الأولى، وبمجرد رشة بسيطة على باطن المرفق. أما بالنسبة للعطور الأصلية فان لون العبوة فيها يكون غامقا، وعند رش العطر تكون رائحته قوية، و تستمر لفترات طويلة، وبعد مرور 24 24 ساعة تبقى آثار الرائحة موجودة في الملابس.