قبيل أيام معدودة عن الاحتفال بذكرى خمسينية استقلال الجزائر، عاد الجدل في فرنسا بقوة، حول القوانين الفرنسية الصادرة إبان الحقبة الاستعمارية، المتضمنة بعض الحقوق الممنوحة للجزائريين في تلك الفترة، وبينها ما عرف ب”حق الانتماء” أي الجنسية الفرنسية، الذي ورد في مرسوم 7 مارس 1944، إذ رفض أمس المجلس الدستوري بفرنسا منح هذا الحق لجزائريين طالبوا بالجنسية الفرنسية بموجب ذات المرسوم. وعارض المجلس الدستوري الفرنسي منح الجنسية الفرنسية لجزائريين، بينهم جزائري حصل ”على المواطنة” بموجب المرسوم المذكور، الذي يضمن حق الحصول على الجنسية الفرنسية، حسب ما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية. واتخذ المجلس الدستوري هذا القرار، بعد ”المساءلة الدستورية المستعجلة حول الاعتراف بالنسب” التي رفعها جزائري مدعو ”مولود. أ”، كان والده المتوفى سنة 1946، قد حصل على الجنسية الفرنسية بموجب ذات القانون، بينما لم يتمكن هو من اكتسابها. وأجاب المجلس الدستوري على مساءلة الجزائري، بأن المادة 3 من ذات المرسوم المتعلق بقانون الفرنسيين المسلمين بالجزائر، مطابقة للدستور، ويهدف نصها إلى إعطاء بعض الفرنسيين المسلمين بالجزائر (حين كانت مستعمرة فرنسية)، حقوقا سياسية مماثلة لحقوق المدنيين الفرنسيين المقيمين بالجزائر. وبالنسبة للمقيمين في الجزائر، الذين ولدوا سنة 1941، فمن حقهم اكتساب الجنسية الفرنسية، والاحتفاظ بها بعد الاستقلال. وقال ”باتريس سبينوزي” محامي الجزائري ”مولود. أ”، في مرافعة يوم 19 جوان المنصرم، إنه من حق أبناء الجزائريين الذين استفادوا من هذا الامتياز، الاحتفاظ بالجنسية الفرنسية التي اكتسبها آباؤهم، مشيرا إلى أنهم لم يحصلوا أبدا على اعتراف بالجنسية الفرنسية، بعد استقلال الجزائر، وبعضهم احتفظ بها تلقائيا. وندد المحامي الفرنسي بخرق مبدأ عدم المساواة أمام القانون، كون الفرنسيين المسلمين المقيمين بالجزائر إبان الحقبة الاستعمارية، اكتسبوا الجنسية الفرنسية بموجب نظام ”سيناتوس كونسيلت” الصادر في 14 جويلية 1865 وقانون 4 فيفري 1919، واحتفظوا بها. ومنحت الجنسية الفرنسية لعدد قليل من الجزائريين، الذين كانوا يخضعون للقانون المدني المحلي وقانون الأنديجينا في الفترة الاستعمارية، 60 ألفا منهم اكتسبوها بموجب مرسوم 7 مارس 1944، حسب ما أفاد به ممثل عن الحكومة الفرنسية أمام المجلس الدستوري. وتوجد نصوص قانونية أخرى، تبيح إعطاء الجنسية الفرنسية للجزائريين أثناء الحقبة الاستعمارية، كقانون 4 فيفري 1919، الذي خص الجنود المشاركين في الحرب العالمية بهذا الحق، بينما أتاح قانون 14 جويلية 1865 لرؤساء القبائل والأعيان الحصول على المواطنة الفرنسية أي الجنسية. وقدم ممثل الحكومة رقم 8 آلاف طالب للجنسية الفرنسية سنة 1936، تنازلوا عن حقوقهم المدنية ونقلوها لأبنائهم، على عكس المستفيدين من مرسوم 1944، الذين لم يتمكنوا من توريث الجنسية الفرنسية لنسلهم. وتدل هذه التصريحات على أن فرنسا لم تلتزم بتطبيق القوانين التي أصدرتها أثناء تواجدها الاستعماري بالجزائر، بل مارست التمييز في تطبيقها.