اللجنة الوطنية الجزائرية للتضامن مع الشعب الصحراوي تشارك في الندوة ال48 لل"إيكوكو" بلشبونة    الجزائر تؤكد أن مذكرتي الاعتقال بحق مسؤولين صهيونيين تمثلان خطوة نحو إنهاء عقود من الإفلات من العقاب    منظمة الصحة العالمية:الوضع في مستشفى كمال عدوان بغزة مأساوي    لبنان يجدد التزامه بالتنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي 1701    الرئيس الاول للمحكمة العليا: الجميع مطالب بالتصدي لكل ما من شأنه الاستهانة بقوانين الجمهورية    المجمع العمومي لإنجاز السكك الحديدية : رفع تحدي إنجاز المشاريع الكبرى في آجالها    انخراط كل الوزارات والهيئات في تنفيذ برنامج تطوير الطاقات المتجددة    اكتشفوا أحدث الابتكارات في عدة مجالات.. اختتام "زيارة التميز التكنولوجي" في الصين لتعزيز مهارات 20 طالبا    مخرجات اجتماع مجلس الوزراء : رئيس الجمهورية يريد تسريع تجسيد الوعود الانتخابية والتكفل بحاجيات المواطن    مستغانم.. فسخ أزيد من 20 عقد امتياز لاستغلال عقار صناعي    دراجات/الاتحاد العربي: الاتحادية الجزائرية تفوز بدرع التفوق 2023    إبراز جهود الجزائر في مكافحة العنف ضد المرأة    بومرداس.. ترحيل 160 عائلة من قاطني الشاليهات إلى سكنات جديدة    المهرجان الثقافي الدولي للكتاب والأدب والشعر بورقلة: تسليط الضوء على أدب الطفل والتحديات الرقمية الراهنة    وفد طبي إيطالي في الجزائر لإجراء عمليات جراحية قلبية معقدة للاطفال    تواصل اجتماعات الدورة ال70 للجمعية البرلمانية لمنظمة حلف شمال الأطلسي بمونتريال    كأس الكونفدرالية الإفريقية: شباب قسنطينة يشد الرحال نحو تونس لمواجهة النادي الصفاقسي    مجلة "رسالة المسجد" تنجح في تحقيق معايير اعتماد معامل التأثير والاستشهادات المرجعية العربي    كرة اليد/بطولة افريقيا للأمم-2024 /سيدات: المنتخب الوطني بكينشاسا لإعادة الاعتبار للكرة النسوية    حرائق الغابات في سنة 2024 تسجل أحد أدنى المستويات منذ الاستقلال    ملتقى وطني حول التحول الرقمي في منظومة التكوين والبحث في قطاع التعليم العالي يوم ال27 نوفمبر بجامعة الجزائر 3    رئيس الجمهورية يشرف على افتتاح السنة القضائية 2024-2025    الدورة الخامسة والأربعين لمهرجان القاهرة السينمائي : مشروع "غزة، من المسافة صفر" يفتك ثلاث جوائز    الحفل الاستذكاري لأميرة الطرب العربي : فنانون جزائريون يطربون الجمهور بأجمل ما غنّت وردة الجزائرية    افتتاح الملتقى الدولي الثاني حول استخدام الذكاء الإصطناعي وتجسيد الرقمنة الإدارية بجامعة المسيلة    الجَزَائِر العَاشقة لأَرضِ فِلسَطِين المُباركَة    عطاف يستقبل رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية لمجلس الشورى الإيراني    عين الدفلى: اطلاق حملة تحسيسية حول مخاطر الحمولة الزائدة لمركبات نقل البضائع    الوادي: انتقاء عشرة أعمال للمشاركة في المسابقة الوطنية الجامعية للتنشيط على الركح    "تسيير الارشيف في قطاع الصحة والتحول الرقمي" محور أشغال ملتقى بالجزائر العاصمة    الجامعة العربية تحذر من نوايا الاحتلال الصهيوني توسيع عدوانه في المنطقة    الابتلاء المفاجئ اختبار للصبر    وفاق سطيف يرتقي إلى المركز الخامس    الخضر أبطال إفريقيا    تعزيز التعاون بين جيشي البلدين    "طوفان الأقصى" ساق الاحتلال إلى المحاكم الدولية    مازة يسجل سادس أهدافه مع هيرتا برلين    وداع تاريخي للراحل رشيد مخلوفي في سانت إيتيان    المنتخب الوطني العسكري يتوَّج بالذهب    ندوات لتقييم التحول الرقمي في قطاع التربية    وكالة جديدة للقرض الشعبي الجزائري بوهران    الجزائر أول قوة اقتصادية في إفريقيا نهاية 2030    بوريل يدعو من بيروت لوقف فوري للإطلاق النار    الرياضة جزء أساسي في علاج المرض    دورات تكوينية للاستفادة من تمويل "نازدا"    باكستان والجزائر تتألقان    تشكيليّو "جمعية الفنون الجميلة" أوّل الضيوف    قافلة الذاكرة تحطّ بولاية البليدة    هلاك شخص ومصابان في حادثي مرور    على درب الحياة بالحلو والمرّ    سقوط طفل من الطابق الرابع لعمارة        قرعة استثنائية للحج    حادث مرور خطير بأولاد عاشور    سايحي يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجزائريون وديغول 16 / 02 / 1960
أرشيف الخمسينية
نشر في الفجر يوم 06 - 07 - 2012

تحت هذا العنوان نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية المقال التالي الذي كتبه مراسلها الدائم بالجزائر عن موقف الجزائريين من السياسة التي يظهر أن ديغول يشرع في تطبيقها للوصول إلى بعث "القوة الثالثة"، أي إلى إبراز الجزائريين الذين يمكن نعتهم بالوطنيين المعتدلين.
يكاد يكون من المستحيل التحدث بصراحة في الجزائر، فإن كل الناس تعودوا على استمرار الحرب بالتزام الحذر عند التعبير عن أفكارهم، ومع ذلك فإني تمكنت منذ يومين أو ثلاثة من الالتقاء ببعض الجزائريين قدمهم إلي صديق بهذه العبارات: "يمكنكم أن تتحدثوا لا برأس اللسان فقط ولكن من أعماق القلب". وفعلا فإنهم صا رحوني ببعض الحقائق البديهية أولا ثم ببعض الحقائق التي لا يصارحون بها جميع الناس "لم يسبق أبدا للمسلمين أن وثقوا بالجنرال ديغول مثلما يثقون فيه اليوم، لقد حاول الأوروبيون دائما أن يفرضوا إرادتهم، فهم يتركون باريس تدرس القوانين وتخططها وتقرر تنفيذها ولكنهم يعارضون هذه القوانين كلما حان وقت تطبيقها، وكل ما يرغبون فيه هو إبقاء الجزائر على حالها تحت سيطرتهم ونفوذهم، وها هم يصطدمون لأول مرة بصرخة وبرجل يعرف كيف يفرض إرادته عليهم، ولكن لماذا انتظر ديغول كل هذا الوقت ليفرض عليهم إرادته؟ إننا من فرط ما خدعنا لم نعد نثق في أي كان، وحتى الجنرال ديغول فإننا ننتظر منه أعمالا أخرى لنقتنع بأن شيئا تغير في السياسة الفرنسية، أما في الوقت الحاضر فإننا نشعر فقط بارتياح عندما نرى أن الاعتقالات والسجون ليست مخصصة للمسلمين فقط".
بعد أن سمعت هذا الكلام تساءلت: هل هذه كل النتيجة التي تحصل عليها ديغول بعد موقفه الصارم مع المتطرفين والمتمردين وبعد اعتقاله للم. ديسيريني وطرده للكولونيل قودار وحله للمكتب الخامس؟ إنني أعتقد أن النتيجة أعمق مما صارحني به هؤلاء الجزائريون ولكنني أعتقد مع ذلك أننا بعيدون كل البعد عن الجو الذي تقبل فيه بعض الشخصيات الإقليمية ليكونوا نوابا يمثلون بصدق الأهالي الجزائريين.
مما لا شك فيه أن الإعلان عن إجراء انتخابات إقليمية بالجزائر بعد شهرين يعد من أهم المقررات الحكومية التي يعلق عليها المسؤولون أملا كبيرا. ومن المعلوم أن هذه الانتخابات ستكون المرحلة الأولى من برنامج يهدف إلى تشكيل لجان من مختلف النواب المنتخبين في البرلمان وفي المجالس البلدي وتنحصر مهمة هذه اللجان في درس أبرز المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية وعرض مقترحات بعد ذلك.
ومن المتوقع أن هذه اللجان ستضم عددا كبيرا من الشخصيات التي تعتبر ذات مكانة في الأوساط الجزائرية والأوروبية، وستتولى هذه اللجان قبل كل شيء النظر في مختلف القيود التي تربط الجزائر الجديدة بفرنسا، ولكن نتائج أشغال هذه اللجان لن تتخذ صبغة مقررات تعوض مبدأ تقرير المصير، بل إن كل ما سيجري البت فيه هو تحديد الروابط التي تكون بين فرنسا والجزائر في حالة ما إذا اختار الجزائريون حل "المشاركة" مع فرنسا عندما يجري الاستفتاء، وهكذا فإنه بعد أن تحدد تلك الراوبط يبقى على رأس الدولة وفرنسا أن يقولا هل أن المشاركة هي أقرب الحلول إلى فرنسا من ناحية وأن يختارها الجزائريون بكل حرية على حلي "الفرنسة" و"الاستقلال" من ناحية أخرى.
ومن مزايا هذه الطريقة العملية في نظر المسؤولين الفرنسيين هو أنها تسمح من ناحية بوضع الجيش في المكان الذي خلق له وبتحضير الطريق لعودة السلم من ناحية أخرى، ذلك أن الجيش مضطر بفعل المهمة التي يقوم بها واتصاله بالأهالي مضطر إلى سلوك بعض المناهج السياسية، ولهذا فإنه بات من المؤكد أن توضح الحكومة هذه المناهج وأن تعين السياسة التي يمكن للجيش أن يشرحها للأهالي، ومن المؤكد أيضا أنه يتعذر على ضباط الشؤون الأهلية أن لا يتدخلوا في المسائل السياسية.
هذه هي المزية الأولى وأما المزية الثانية فهي تتمثل في "تحريك" بعض الشخصيات الإسلامية وتمكينها من التحدث وتزعم المسلمين الذين لن يعودوا تحت قبضة الجيش الفرنسي فحسب، وبعبارة أخرى فإن الأهالي الجزائريين يمكنهم أن يشعروا أنهم غير مضطرين للبقاء إما تحت رحمة الثورة وإما تحت رحمة الجيش الفرنسي.
هذا ويقول أنصار هذه الفكرة أن الغرض منها هو خلق "قوة ثالثة" دون أن يكون في ذلك ما يمنع الاتصال بالجبهة والبحث معها في وقف القتال. ولهذا فإن المقاتلين في صفوف الجبهة لهم الحرية بعد وقف القتال في الالتحاق بالقافلة والمشاركة في العمل السياسي الذي ستشرع فيه فرنسا، وزيادة على ذلك فإنهم سيكونون أحرارا للدفاع عن فكرة "الانفصال" التي يمكن للجزائر أن تختارها من بين الحلول الثلاثة بعد أن يعود السلام.
وهناك مزية أخرى في هذه الطريقة وهي تشجيع الأوروبيين الأحرار على إبداء نظرياتهم والعمل على إنجاح مشروع "المشاركة" بين فرنسا والجزائر، ذلك أن الحكومة تعتقد أن نظام المشاركة يمكن أن يجد عددا كبيرا من الأنصار لدى الأوروبيين وحتى لدى الجيش.
ويقول أنصار "المشاركة": إن أغلبية الأوروبيين يبغضون هذا المشروع لأنهم يخشون أن يؤدي بعد أجل إلى استقلال الجزائر، والواقع أن هناك عاملين يمنعان تطور المشاركة إلى الاستقلال وهما خوف الجماهير الجزائرية من تجديد المعارك وخوف قادتهم السياسيين من تقسيم البلاد".
وهناك أخيرا مزية يجب أن نشير إليها وهي أنه لا يمكن الشروع في تنفيذ أي إصلاح أو تحوير مادام مستقبل الجزائر غامضا، وبفضل تحديد حل "المشاركة" يمكن البدء في بعض الإصلاحات وخاصة منها الإدارية.
ومن بين المسلمين الذين تحادثنا معهم حول هذا المشروع لم نجد في حقيقة الأمر سوى عدد قليل جدا يرى فيه إمكانية للوصول إلى السلام، كما أنني لم أجد من بينهم إلا أفرادا قلائل يقبلون بالمشاركة في تنفيذ المشروع حتى ولو أن فرنسا حققت شروطهم وبرهنت تطرفا - بأن فكرة الانتخابات الإقليمية هي وحدها حجة كافية على جهل الحكومة الفرنسية لحقيقة الحالة التي عليها الشعب الجزائري ولحقيقة آلامه، وأما أكثرهم اعتدالا فإنهم يفضلون عدم الإجابة في الظروف الراهنة لأنهم يعتبرون أنه من واجبهم الإنتظار إلى أن يحدث ما ينبئ بتغير الأشياء في الجزائر تغييرا حقيقيا.
هذا وإن معظم الأشخاص الذين تبادلت معهم الآراء وجدتهم مشمئزين من فكرة الترشح للانتخابات، فقد قال لي عدد كبير منهم: "إن كل من يترشح للإنتخابات لا بد أن يعرض نفسه لكلام مثلا من إخوانه الذين يقولون له: إنك عندما تترشح تعتبر نفسك أفضل من غيرك أي أنك تعتبر نفسك أفضل من أخيك الذي يجاهد في الجبال" وقال لي آخر "تترشح أنت للانتخابات حتى للقيام بمهمة تفيد بها بلادك بينما يحتلها العدو؟" وأضاف قائلا بأنه لا يقصد شتم فرنسا بهذه المقارنة.
الواقع أن الجزائريين الذين اجتمعت بهم لم أجد فيهم أدنى شعور بالحقد على فرنسا بل إن واحدا منهم قال لي: "تحيا فرنسا ولكن أي الأنواع من فرنسا؟ إنني أشيد بفرنسا صاحبة الثورات التحريرية والعدالة والحق" وقال لي نفس الشخص بأنه مستعد في ظروف غير الظروف الراهنة أن يقاوم فكرة الانفصال عن فرنسا. وأما فرنسيو الجزائر فإن الجزائريين ينظرون إليهم نظرة أخرى ومع ذلك فإنهم لا يفكرون بتاتا في إخراجهم من الجزائر بل إنهم يقولون: "من الواجب أن نتوصل إلى حل يسمح بتعايشنا في أرض واحدة".
هذا ومن الواضح أن رفض المسلمين للظهور في الصعيد السياسي يرجع في الوقت الحاضر إلى سببين اثنين وهما موقف الأووبيين وموقف الجيش الفرنسي. وباستفتاء جزائري واحد وجدتهم يرفضون الترشح للانتخابات إذا لم تسمح لهم الجبهة بذلك وقد قالوا "أن واجبنا يدعونا إلى انتظار كلمة أولئك الذين نتبع قولهم بحقيقة إذ لا شك أننا نشعر بثقة متزايدة نحو ديغول ولكننا نقف جميعا في صفوف الجبهة، إننا نجهل وجود الباشاغا بوعلام وكاره وبوهراوة وغيرهم، إننا نحب فرنسا والجبهة في نفس الوقت ولا نرى في ذلك أي تناقض ولهذا فإننا لا نرضى بدور النواب الخونة".
ثم يقولون: "إن كل شيء يتغير بعد أن يتحقق وقف القتال وإن كل من يتحادث مع هذه الشخصيات المنطوية على نفسها سرعان ما يحس بأن الظروف السياسية تكون مغايرة تماما للظروف الحالية بعد تحقق وقف القتال كما يحس بأن هناك حيوية متوثبة في نفوس هؤلاء الأشخاص لا تنتظر إلا نهاية القتال".
والواقع أن هؤلاء الأفراد وكل الجزائريين لا يثقون في الجنرال ديغول إلا أنه من يجدون فيه الشخص الذي يقدر على فرض وقف القتال على الذين لا يريدونه وأن كل من يعبرون اليوم عن رغبتهم العميقة في السلام سيكونون غدا أحسن المدافعين عن ارتباطهم بفرنسا ارتباطا حرا. هذا هو ما يمكن أن يستند عليه ديغول وأن يفسح له المجال للبروز


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.