خرج، أمس، العشرات من النشطاء الليبيين في مسيرات تطالب بالأمن وحماية مدينة بنغازي، وذلك بدعوة من مؤسسات المجتمع المدني بمدينة بنغازي للمطالبة بحل التشكيلات المسلحة غير التابعة للواء الجيش والأمن، في وقت شهدت فيه ثاني مدن ليبيا تصاعداً لأعمال العنف من قبل مسلحين، والتي كان آخرها الهجوم الدامي على القنصلية الأمريكية، ما أدى إلى مقتل السفير الأمريكي لدى ليبيا وثلاثة أمريكيين آخرين، رداً على نشر فيلم مسيء للرسول صلى الله عليه وسلم. وتأتي هذه المظاهرة فيما أوضح مكتب الإعلام بمديرية الأمن الوطني الليبية أن رجال الشرطة والمرور استأنفوا أعمالهم، وذلك بعد قيامهم بالتهديد بالتمرد على الحكومة ورفض تطبيق الأوامر من الضباط احتجاجا على الطريقة التي تمت بها إقالة رئيس الأمن الوطني السابق العميد حسين بوحميد من قبل وزير الداخلية فوزي عبدالعال - المنتهية ولايته حسب قوله - في ظل حكومة جديدة لم تعين وزراء جددا، مما أدى إلى استياء بعض الضباط في بنغازي. إلى ذلك كرّرت ليبيا مُجدّدا اعتذارها عن الهجوم الذي استهدف قنصلية الولاياتالمتحدة في بنغازي، وجاء هذا الاعتذار خلال محادثات أجراها نائب وزيرة الخارجية الأمريكية، وليم بيرنز، في ليبيا مع كل من رئيس الوزراء مصطفى أبو شاقور ورئيس المؤتمر الوطني الليبي محمد المقريف وعدد آخر من المسؤولين. وقال مسؤول في وزارة الخارجية الليبية إن وزير الخارجية عاشور بن خيال قدم اعتذار طرابلس عن الهجوم العنيف مشيدا بالسفير الأمريكي الذي قتل في الهجوم، وقال إنه كان صديقاً لليبيا. من جهته، أكدّ بيرنز، خلال زيارته إلى ليبيا، أمس الأول، أن الولاياتالمتحدة تتفق مع ليبيا على أنه من الضروري تقديم المسؤولين عن المأساة المروعة للعدالة في أسرع وقت ممكن، وقال إن ليبيا عازمة على العمل مع الأمريكيين لضمان حصول ذلك. وأوضحت وسائل الإعلام الليبية أن رئيس المؤتمر الوطني الليبي، محمد المقريف، أكد على تصميم بلاده على العمل بجهد من أجل تقديم مرتكبي الحادث في بنغازي إلى العدالة، ومضاعفة التدابير الأمنية لحماية البعثات الدبلوماسية والقنصليات المعتمدة في ليبيا، كما شدد على أهمية أن يعمل البلدان معاً للتحقيق في الهجوم وأشاد المقريف بدوره بالجهود التي بذلها السفير الأمريكي، كريس ستيفنز، في تعزيز التعاون بين البلدين. أما المتحدث باسم وزارة الخارجية الليبية، سعد الشلماني، فأكدّ أن زيارة بيرنز جاءت في وقت للتباحث في إمكانية تطوير العلاقات بين بلاده والولاياتالمتحدة، مشيراً إلى أن الحادثة ستكون دافعاً للمضي بهذه العلاقات إلى الأمام. وكان بيرنز قد شارك في حفل التأبين الذي أقيم في طرابلس الخميس للسفير الأمريكي كريس ستيفنز والموظفين الثلاثة الأمريكيين الذين قتلوا في الهجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي في 11 سبتمبر خلال الاحتجاج على فيلم مسيء للإسلام. في غضون ذلك، أعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون تشكيل لجنة تحقيق رسمية في حادث الاعتداء على القنصلية الأمريكية في بنغازي، برئاسة الدبلوماسي المتقاعد السفير توماس بيكرينغ. وكرّرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند تقديرها للدعم الذي قدمته الحكومة الليبية للولايات المتحدة في هذا السياق.