كرست الانتخابات المحلية فشل الإسلاميين الذريع في تغيير المشهد السياسي في الجزائر، واللحاق بركب البلدان التي حملت فيها رياح الربيع العربي التيارات الإسلامية إلى سدة الحكم، ليستيقظوا على صدمة أن الصندوق مؤخرا لم يبتسم لهم فقط، بل أشاح بوجهه كلية بعد التراجع الكبير في النتائج، رغم سياسة التحالفات والدخول بقوائم مشتركة لعل وعسى، ليتأكدوا رغم كل التبريرات التي يتحججون بها، أن نتائج المحليات لم تكن صدفة بل كانت واقعا. عجزت حركة مجتمع السلم مرة أخرى في الحفاظ على مكتسبات الراحل محفوظ نحناح، رغم أن الظروف الإقليمية قبل تشريعات 10 ماي الماضي، جعلتها تسارع إلى تقسيم الحقائب الوزارية مع حليفتيها في تكتل الجزائر الخضراء وتفكر بثقة مفرطة في استحقاقات 2014، لأن الربيع العربي، كما كانت تعتقد، لن يخطئ طريقه إلى الجزائر، لاسيما وأن إسلاميي الجزائر كانوا سباقين مع مطلع التسعينات إلى تحقيق النصر قبل توقيف المسار الانتخابي، لكن المفارقة كانت كبيرة وفشل الإسلاميون في الجزائر في الانتخابات البرلمانية في وقت نجح فيه إسلاميو الدول الأخرى، ولم يستطيعوا منافسة أحزاب السلطة، التي هيمنت على مقاعد قصر زيغود يوسف، رغم دخول بعضها في تحالفات كما هو الشأن مع حمس، الإصلاح والنهضة، ويقين بعضها الآخر أنها صاحبة النصر، لما يتمتع به زعماؤها من كاريزما، كما هو الحال مع العدالة والتنمية والشيخ عبد الله جاب الله، الذي لم يتجرع الهزيمة النكراء وقرر مبكرا تطليق المحليات، بحجة غياب الضمانات الكافية لتنظيم انتخابات حرة ونزيهة. وقبل أن تستفيق الأحزاب الإسلامية، التي قررت المشاركة في المحليات الأخيرة من صدمة التشريعات - حتى وإن شككت في نتائجها قبل الأوان - أكدت نتائج المحليات أن الأحزاب الإسلامية لم يعد لها مكان في المقدمة، حيث من بين 159 بلدية حققت فيها 10 تشكيلات سياسية الأغلبية المطلقة لم تحظ حركة مجتمع السلم إلا بالمرتبة 7، أما فيما يخص المجالس الشعبية الولائية، فاكتفت حركة أبو جرة سلطاني، بالمرتبة السادسة، ما يؤكد أن الجزائريين طلقوا بالثلاث الإسلام السياسي الناشط في الساحة، وأنهم لن يغامروا مرة أخرى باختيار أحزاب تنادي بالتغيير، بعد الذي حدث خلال عشرية كاملة تحول فيها الدم فجأة إلى وجه للحياة. ويرفض كثير من متتبعي الشأن السياسي، في الجزائر تعليق الإسلاميين لانتكاستهم في المحليات وقبلها التشريعيات على مشجب التزوير وتضخيم نسب المشاركة، التي أعلنها وزير الداخلية والجماعات المحلية، كما أكدت حركة المجتمع السلم في بيانها، أو ضخ حسابي حزبي السلطة بأصوات الأسلاك النظامية، لقطع الطريق أمام المنافسين السياسيين الآخرين، كما هو عليه الحال مع حركة النهضة. ويرى هؤلاء المتتبعون أن الربيع العربي لم ينصف الإسلاميين في الجزائر، تماما مثلما لم تنصفهم سياسية التحالفات، التي أرادت من خلالها اكتساح البرلمان للهيمنة على السلطة التشريعية، وحتى السقوط الحر للإسلاميين، وحتى من فكر في الانسحاب من المحليات بعد مهزلة التشريعيات لن يفر من لعنة الإخفاق، لأن الاعتقاد السائد أن انسحابهم كان لحفظ ماء الوجه من الفشل في المحليات، مؤكدين أن الإخفاقات في الوصول إلى سدة الحكم سيتواصل إلى رئاسيات 2014.