جوّل الشيخ الأكبر ابن عربي لفترة طويلة بين الأندلس والمغرب ثم قرر السفر إلى المشرق، فمر بالمغرب الأوسط (الجزائر حاليا) ولم يقم به إلا قليلا ثم توقف بتونس لمدة سنة (598 هجرية)، بالرغم من هذه الإقامة الطويلة نسبيا إلا أن ابن عربي لا يذكر الكثير عن حياته بتونس كما لا يشير إلى الكتابات التي حبّرها بهذا البلد، ويقول كتاب سيرته إن توقفه بتونس كان للراحة والتعبد لا غير. ثم قطع ابن عربي ليبيا فمصر، وهو في طريقه إلى مكةالمكرمة، وقد ذكر وصوله إلى مكة في "الفتوحات المكية" (ولما نزلت مكة سنة خمسمائة وثمان وتسعين هجرية، ألفيت بها جماعة من الفضلاء... ص 574 ج3). في سنة 601 هجرية، زار ابن عربي، بغداد ثم الموصل، حيث التقى الصوفي الكبير علي بن عبد الله بن جامع، فدرس على يديه مدة، وبعد ذلك، غادر العراق سنة 306 هجرية وعاد إلى مصر هنا غار منه بعض فقهاء السنة المتعصبين، فاتهموه بالزندقة والكفر والإلحاد، فسجنه الملك في السجن، عذب الشيخ الأكبر أشد العذاب، وقد ذكر الدكتور حنفي بن عيسى في بحث له نشر بمجلة "الثقافة" الجزائرية (شهر مارس سنة 1977)، ذكر أن الجلاد كان يأتي ابن عربي بعتلة حديدة محمرة من تسخينها بالنار ويكوي في صدره وكتفيه ويديه خمس أو ست مرات في النهار. وقال ابن العماد في كتابه "شذرات الذهب": "... وقد أوذي الشيخ الأكبر كثيرا في حياته وبعد مماته بما لم يقع نظيره لغيره..". دافع الشيخ أبو الحسين البجائي عن مذهب ابن عربي في "وجدة الوجود" فأطلق ملك مصر سراحه، فعاد الشيخ الأكبر إلى مكةالمكرمة مرة أخرى لرؤية صديقه "أبي شجاع" وأسرته، ثم توجه إلى "قونيه" عاصمة ديار الإسلام في الإمبراطورية البيزنطية، حيث كانت شهرته قد سبقته، فاستقبله الملك كيكاوس الأول بنفسه ورحب به ومنحه إقامة فخمة. في "قونيه" واصل ابن عربي التأليف والتصنيف، كما استمر في عقد حلقات الذكر والتدريس، ومن "قونيه" سافر الشيخ الأكبر إلى الأناضول فأرمينيا. .. يتبع