جامعة الامير عبد القادر 100 بالمائة من طلاب الشريعة والأئمة لا يعلمون تاريخ ميلادهم الهجري إلى غاية يوم الأربعاء الماضي والناس يسألون عن يوم رأس السنة الهجرية، وحتى مدراء المدارس والأساتذة الذين هم صفوة المجتمع لم يكونوا على علم باليوم الذي يحصلون فيه على العطلة الشتوية بسبب تزامن آخر أيامها بالعيد الهجري.. * * وصراحة فإن السؤال عن رأس السنة الهجرية ما كان ليكون بهذا الإلحاح لو لم يكن يوم عطلة مدفوعة الأجر .. الشروق اليومي تنقلت يوم الخميس الماضي أي قبل ساعات قليلة من أول أيام شهر محرم إلى الجامعة الإسلامية الأمير عبد القادر بقسنطينة وسألت المئات من طلبة الشريعة عن السنة الهجرية الجديدة، فاكتشفنا أن غالبيتهم لا يعلمون في أي سنة نحن. وكلهم من دون استثناء لا يعلمون في أي يوم ولدوا بالهجري ولا يريدون أصلا أن يعلموا، وطبعا جميعهم يحفظون أعيادهم بالميلادي، ويعلمون بالتأكيد كم أعمارهم بالتأريخ الميلادي، واتهم الطلبة في ذلك الحكومات الإسلامية التي لم تتمكن لحد الآن من التقويم بالهجري، وجعلت الميلاديين يتحكمون في رقابنا حسب أقوالهم، والقلة من طلبة الشريعة من اعترف بالتقصير وأيضا بالذنب.. ونقلنا ذات السؤال المحرج إلى عدد من الأئمة وهو »متى ولدت بالتاريخ الهجري وكم عمرك بالتأريخ الهجري؟".. * ووجدناهم جميعا لا يعلمون شيئا، واعترف الدكتور عبد الكريم رقيق وهو إمام ومفتي مدينة قسنطينة في تصريح للشروق اليومي بأنه لم يبحث أصلا عن يوم ميلاده الهجري رغم وجود برامج تلفزيونية عربية تطلب الاتصال بها ومنح التاريخ الميلادي لتحسب لصاحبه تأريخه الهجري، وقال أنها تقريبية فقط ولا يمكنها أن تعطي اليوم بالتدقيق .. وأشار إلى أنه يمتلك برنامجا على الكمبيوتر وجد فيه تاريخ الجمعة الثاني من محرم وليس الأول من محرم، مما يعني أن البرامج الإسلامية نفسها بعيدة عن الدقة في التقويم الهجري فما بالك بعامة الناس وتساءل كيف لبعض الناس وضع الفاتح من محرم يوم الخميس، دون الرؤية التي هي أساس التقويم القمري .. والغريب أن المسلمين يهتمون بالتاريخ الهجري في هلال رمضان وشوال فقط لأنه يهم بطونهم وموعد صيامهم وإفطارهم، ولا أحد يهتم ببداية هذا العام الذي أحدث قطيعة بين المسلمين، وحدثت أيضا مغالطات في وقفة عرفة .. * وإذا كان بعض الأئمة الذين تحرّجوا من سؤال الشروق اليومي وتمنوا عدم ذكر أسمائهم بسبب جهلهم عيد ميلادهم بالهجري قد ردّوا سبب الجهل على أوليائهم لأنهم لم يسجلوا تاريخ ميلادهم بالسنة الهجرية على الأقل بقلم الرصاص في دفتر الميلاد، فإنهم جميعا أيضا ومن دون استثناء لم يقدموا على تسجيل تواريخ أبنائهم بالهجري سواء في دفاتير أو في أذهانهم، مما يعني أن التسيّب لم يكن من السلف، وإنما من الخلف الذي يتحمل المسؤولية أكبر لأنه يمتلك بسطة من العلم وأيضا يزعم بأنه يتمسك بالتعاليم الدينية.. والمشكلة عامة حيث لا يعلم أحفاد الأمير عبد القادر تاريخ وفاة مؤسس الدولة الجزائرية بالهجري، ولا يعلم شقيق عبد الحميد بن باديس وأهله بقسنطينة تاريخ وفاة العلامة الراحل إلا بالميلادي وهو 16 أفريل 1940 وهو التاريخ الذي نحتفل به وليس التاريخ الهجري الذي لا يعلمه أحد، رغم أن الشيخ بن باديس كان يؤرخ في الجرائد التي أسسها ومنها الشهاب بالتاريخ الهجري، ورغم أنه في المقالات التي كان يكتبها في الشهاب والمنتقد يبدأ بالتاريخ الهجري وأحيانا لا يذكر إطلاقا التاريخ الميلادي، إلا أننا كافأناه الآن بالاحتفال بيوم موته وجعلناه يوما للعلم وهو 16 أفريل الميلادي، وليس الهجري وهي ذات الملاحظة بالنسبة لبقية رجالات جمعية العلماء المسلمين من أمثال الطيب العقبي والشيخ التبسي ومبارك الميلي والبشير الإبراهيمي الذين نحفظ تواريخ ميلادهم ووفاتهم بالتقويم الهجري ولا أحد يعلم من التاريخ الهجري شيئا. * المطالبة بوضع التاريخ الهجري على شهادات الميلاد * الجريدة الرسمية تسبّق الهجري على الميلادي * حاولت الجزائر في عدة مناسبات الدفع نحو التقويم الهجري خاصة في عهد الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد، ونلاحظ أن التقويم الهجري في الجريدة الرسمية وفي مختلف المراسلات الرسمية يسبق دائما التقويم الميلادي، وطالبت وزارة التربية الوطنية في بداية الثمانينات من أساتذة مختلف الأطوار كتابة التاريخ الهجري على السبورة قبل التاريخ الميلادي، ولكن الأمر لم يستمر بذات التركيز ويقترح البعض وضع التاريخ الهجري مناصفة مع التاريخ الميلادي في شهادات الميلاد التي تنجزها مصالح البلدية حتى يتذكر الأفراد على الأقل يوم مولدهم الهجري .. ويؤكد الكثير من العلماء أن البرامج التي تبحث للمتصلين بها عن تاريخ ميلادهم وأعمارهم بالهجري غير دقيقة، خاصة إذا كان العمر قد جاوز الأربعين أو النصف قرن .. والغريب أن الذين يطالبون بالتقويم الهجري من رجالات العلم هم أنفسهم يتبّعون التاريخ الميلادي وكل الملتقيات الفكرية الإسلامية يتم التأريخ لها بالهجري .. ولو سألنا ذات السؤال لنظراء الشؤون الدينية في كل الولايات لما اختلف عن بقية الناس والجزائري يؤرخ لزواجه ولميلاده وحتى لتاريخ أدائه فريضة الحج بالتقويم الميلادي ولا أثر إطلاقا لليوم الذي ارتضيناه عطلة مدفوعة الأجر وهو يوم هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم من مكةالمكرمة إلى المدينةالمنورة.. وفي المقابل يوجد الآلاف من الجزائريين حتى لا نقول أكثر بصدد التحضير للاحتفال برأس السنة الميلادية الذي يصادف أيضا يوم الجمعة والكثير منهم سيسافر إلى الخارج للاحتفال بيوم مولد المسيح عليه السلام.