تعزز قطاع الصحة بولاية سطيف، خلال السنوات الأخيرة، بعدة منشآت، حيث تم تزويد البعض منها بأحدث الوسائل والأجهزة اللازمة لتقديم الخدمات الصحية للسكان، وهو ما كلف استنزاف ملايير من الخزينة العمومية، لكن في الواقع لازالت العديد منها مجرد هياكل بلا روح، حيث بقيت مغلقة لسنوات بسبب غياب اليد العاملة المؤهلة، علما أن طلبات السكان للخدمات الصحية قد زادت بأشكال مضاعفة والعديد من المناطق تعاني من هذا الجانب. وخلال جولة قادتنا إلى بعض المؤسسات سجلت المشاكل المذكورة بقوة، فلم تفتح قاعة العلاج بكل من قرية دخلة العور ببلدية الولجة، وقرية أولاد ضيف الله ببلدية بئرالعرش، منذ إنجازهما سنة 2006. كما أن قاعة العلاج بمنطقة الخنقة ببلدية البلاعة لاتزال أبوابها مغلقة في وجه السكان، بعد أن أحيل الممرض على التقاعد. فيما ظلت قاعة العلاج ب”الثنية” تقدم خدماتها لمدة ساعة أو ساعتين ولأيام محدودة من الأسبوع. وقد تسبب نقص اليد العاملة في معاناة القائمون بالعيادات لاسيما أثناء العطل السنوية للموظفين، حيث يتم غلق قاعات العلاج لخروج الممرض، وغالبا ما يتم تدعيمها بممرضين من جهات أخرى تحت تبقى تقدم خدماتها للمواطنين، على غرار ما هو جاري ببلدية أولاد تبان مؤخرا، حيث تم غلق أربع قاعات علاج مؤقتا بسبب خروج الموظفون في عطلهم السنوية بالعيادة التي تضم استعجالات طبية وتم تدعيمها بممرضي قاعات العلاج قرى الحمام، تاليت ولبعاطيش. كما تأخر فتح استعجالات طبية بالعيادة متعددة الخدمات ببلدية بيضاء برج بسبب نقص اليد العاملة، خاصة بعد أن رفض الوظيف العمومي توظيف أصحاب الشهادات القديمة. وفيما يخص واقع العيادات بشمال الولاية فإن الإشكال مضاعف، إذ لايزال يعاني سكان أزيد من 18 بلدية، وتبقى فقط مؤسسة السعيد عوامري ببوڤاعة لوحدها تغطي خدمات هؤلاء. وأمام هذا الوضع فلاتزال كل أجهزة الكشف بالأشعة بالعديد من العيادات متعددة الخدمات لم يتم تشغيلها، على غرار بلدية بئر العرش التي تضم استعجالات طبية. وكذلك الحال بالنسبة للمخبر الذي ينتظر فتحه، و كذلك عيادة البلاعة، الولجة، الطاية، تاشودة، بازر سكرة، التلة الزرقاء وغيرها بسبب نقص المختصين الشبه طبيين في هذا المجال. وحسب العارفين في القطاع، فإن هذه الأجهزة لا يتم تشغيلها ولو بعد سنوات، خاصة وأن الجهاز الواحد يحتاج لأربعة مختصين في العيادات الاستعجالية. كما تتم الاستعانة بالعمال العاملون بالتوقيت النصف جزئي والمتخرجون من المدارس الخاصة للشبه طبي، فضلا عن ذلك لايزال جهاز السكانير بمستشفى العلمة غير مستغل لنقص طبيب المختص في المجال ومغلقا منذ سنوات، حيث يتم نقل المرضى إلى مستشفى سطيف. ونفس الوضعية يعرفها مستشفى عين ولمان، فيما تم مؤخرا تشغيل جهاز سكانير بمستشفى عين أزال. ورغم هذا النقص الفادح في التأطير، فإن المدرسة الشبه الطبيين فتحت مؤخرا مسابقة تكوين 100 مختص لكل من ولاية سطيف وبرج بوعريريج للحاصلين على شهادة البكالوريا في أربع فروع اختصاص الكشف بالأشعة، المخبر، إعادة التأهيل الوظيفي والعلاجات العامة. وتعتبر هذه الحصة مقارنة بالنقص المسجل جد ضئيلة ولا يمكنها تغطية المتطلبات التي تحتاج إليها مختلف المؤسسات الصحية بالولاية، والتي من شأنها أن تضمن تغطية صحية شاملة.