شهدت سنة 2012 طي ملفات اقتصادية “عالقة” استمرت المفاوضات فيها سنوات، في مقدمتها رونو، التي تم توقيع عقد إنشاء مصنعها بوهران بعد 5 سنوات من المحادثات، وجازي التي تحولت إلى شركة “أوبتموم” الجزائرية بموجب اتفاقية بين شركة فيمبليكوم الروسية ووزارة المالية. وكان أهم حدث على الصعيد الاقتصادي إقراض الجزائر “الأفامي” 5 ملايير دولار وانضمامها إلى نادي الدول الدائنة. يعتبر المتتبعون للشأن الاقتصادي وعلاقات الشراكة الدولية سنة 2012 الأبرز على الإطلاق، كون العديد من الملفات التي ظلت مرهونة بتجاذبات المد والجزر خلال مفاوضات أقل ما يقال عنها معقدة، عرفت نهاية لها عبر التوقيع على الاتفاقيات الخاصة بها، وإن كان تجسيد الميداني لها لايزال لدى البعض تحديا جليا نظرا لعدم توفر العديد من الظروف. ونظرا لمعطيات متعددة، يرى الخبراء أن توقيع الجزائر مع نظيرتها فرنسا على ملف إنشاء مصنع “رونو” قد توج هذه السنة مفاوضات طالت، إذ يعتقد البعض أنها لم تكن لتخرج من النفق لولا التنازلات التي قدمتها الحكومة. كما استفاد قطاع الميكانيك من تجسيد الشراكة مع المؤسسة الأمريكية لإنتاج الجرارات “فرنغسن” في إطار إنتاج أول جرار جزائري. مصنع للحديد وآخر للأدوية وعشرات الاتفاقيات يضاف إليها اتفاق الشراكة مع المخبر الفرنسي “صانوفي أفينتس” لإنتاج المواد الصيدلانية مع “صيدال”، إلى جانب الشراكة في مجال إنتاج الحديد والصلب مع الشريك القطري بمنطقة بلارة في ولاية جيجل بقدرة إنتاج تبلغ 5 ملايين طن سنويا، حيث سينتج المركب خلال المرحلة الأولى مليوني طن بتكلفة استثمار تقدر بملياري دولار، إضافة إلى عشرات الاتفاقيات الأخرى مع عدد كبير من الدول. كان أهم ما ميز سنة 2012 أيضا الارتفاع الشديد الذي شهدته أسعار المواد الغذائية والسيارات والأدوية ومنتجات النسيج والجلود، والتي تجاوزت 30 بالمائة، في حين بلغت نسبة التضخم أرقاما قياسية لأول مرة في الجزائر قاربت 8 بالمائة. انخفاض أسعار النفط ومجموعة الأوبك تعلن الطوارئ كما شهدت 2012 انخفاض أسعار النفط إلى أقل من 80 دولارا للبرميل، وهو ما تسبب في إعلان الطوارئ للدول المنتجة واجتماع أعضاء الأوبك عدة مرات لمباحثة حلول للمشكل الذي دام ما يقارب الشهرين، لتعود الأسعار إلى وضعها الطبيعي. كما كانت لأزمة الأورو التي شهدتها عدة دول أوروبية انعكاسات كبرى على الجزائر من خلال توافد المستثمرين من مختلف الجنسيات عليها، حيث أصبحت القبلة الأولى للأوروبيين الهاربين من الأزمة. استطاعت الجزائر أيضا أن تحقق نسبة نمو لا بأس بها بعدما بلغت حدود 3.4 بالمائة مقارنة ب2.1 عام 2011 مع احتياطي صرف يزيد عن 200 مليار دولار، والتي ترجمتها الكثير من النشاطات الاقتصادية، على غرار صك 5 مليار دولار الذي تم إقراضه لأول هيئة مالية على المستوى الدولي “الأفامي” مطلع سبتمبر المنصرم، بعد ما حدد هذا الأخير طلبه المالي ب25 مليار دولار. وجعل هذا القرض الكثير من الدول ترى الجزائر الذراع الحامي لاقتصادها. هذه الرؤية جسدتها سلسلة الزيارات الأخيرة لعدد من الوفود الأجنبية خلال الثلاث أشهر الماضية، منها التي اختارت طريق الاستثمار للظفر بمكانة في السوق المحلية، آخرها فرنسا، وبعضها الآخر طالب بتمديد عقود الشراكة مثل مصر وتركيا، في انتظار ما ستطرحه قاعدة العرض والطلب لعام 2013. انهيار قيمة الدينار ب10 بالمائة الدينار هو الآخر كان حاضرا في سلسلة الأحداث الاقتصادية التي طغت على الساحة خلال 2012، بعد انهيار قيمته بما يعادل 10 بالمائة مقارنة مع سنة 2011، وهذا بعدما قرر بنك الجزائر تخفيض سعره لرفع عائدات الجباية على البترول والمحروقات كحل لمواجهة النفقات الإضافية التي فرضتها زيادات الأجور المقررة في نهاية 2011، حيث تسبب هذا القرار في احتجاج رؤساء المؤسسات وأرباب العمل والمستوردين ورجال المال والأعمال، وفرض أيضا ارتفاعا في أسعار المواد المستوردة من أوروبا بالدرجة الأولى.