مهلاً لا تحاولوا تصحيح العنوان أعلاه، أراهن ان بعضكم قام بالأمر أصلا، أؤكد لكم ليس في الامر خطأ مطبعي فالعنوان جاء تماما كما قصدته، قد تقولون إن 2012 مر بسلام لقد نجونا من أهوال نهاية العالم المرعبة كما جاء في نبوءة المايا، تلك النبوءة التي جعلتنا ننتبه قليلا لتلك الحضارة بعد أن حاصرتنا مئات الأشرطة الوثاقية والأفلام الهوليودية، ربما أنصف هذا الاهتمام المايا قليلا بعد الذي تعرضوا له. في سنة 1519 غزا الإسبان شبه جزيرة ”يوكوتان” المكسيكية، أبادوا آلاف المانويين” نهبوا كنوزهم وأتلفوا كل ما استطاعوا إليه سبيلا من مخطوطات بحجة أنها هرطقة وطلاسم سرية تدعوا إلى السحر، وتحث على الوثنية، لم يصل إلينا من ذلك الإرث سوى أربع مخطوطات مهربة، تلك المخطوطات الناجية كانت دليلا على نبوغ ”المايا” ليس في الفلك وحسب بل في الرياضيات والعلوم، في العمران وحتى في الأدب حيث صنفت مسرحية ”رابينال أتشي” ضمن روائع التراث الشفهي اللامادي للبشرية. ”المانويون” لم يكونوا الوحيدين الذين تعرضوا لإتلاف ثراتهم ومؤلفاتهم، قبل قرنين من فعلة الإسبان دمّر هولاكو دار الحكمة بالعراق والقي بكتبها في نهر دجلة حتى اسوّد مدادها ماءه، كانت المكتبة تضم مجموعات ضخمة من أمهات الكتب، قبل هولاكو والإسبان فعلها الكثيرون أيضا الإمبراطور الصيني ”تسي شن هوانغ” أمر سنة 270 قم بإحراق جميع الكتب العلمية والتارخية الصينية يقال ان عددها جاوز المئة ألف مخطوط، العرب أيضا ساهموا في الأمر سنة 213 هجرية، أمر عبد الله بن طاهر بإتلاف أعداد هامة من الكتب الفارسية ومؤلفات المجوس، تصوروا فداحة ما خسرته البشرية لماذا هذا التحامل على الكتب والمكتبات؟ إنه الجهل أحيانا ومحاولة الحفاظ على الوضع كما هو عليه أحيانا أخرى، إنه الخوف من تحريك الساكنين وإيقاظ الراكدين. أظن أن الخسارة الأكبر تلك التي لا تعوض هي إتلاف كتاب أو منعه حتى قبل أن يصل إلى رف مكتبة وأحيانا قبل أن يقرأ، في القرن العاشر ميلادي قام مجموعة من الفقهاء والقضاة بإحراق كتب ابن حزم الأندلسي أمام ناظريه تأديبا له، الرازي كان أسوء حظا إذ وضع كتابه على رأسه وضرب إلى أن تمزق، أما غاليلي فلم ينج تلامذته الذين حاولوا إنقاذ كتاب معلمهم ”البيان” بتهريبه إلى هولاندا من ملاحقة الكنيسة التي أرسلت في أثره وقامت بحملات إتلاف واسعة وصادرت كل النسخ، مؤلفات ابن رشد والغزالي قومت بضراوة وهدد كل من يحوزها بهدر دمه أما ابن عربي فقد أقيمت المجالس على شرف إتلاف كتبه بل تنوعت طرق إتلافها من حرق وغسل ودفن وتمزيق، البعض اختصر الطريق على المانعين وفضل إتلاف كتبه بنفسه، أبو حيان التوحيدي أحد هؤلاء إذ جمع كتبه يوما وأحرقها ومثله فعل سفيان الثوري الذي أحرق كتبه وهو يردد في حرقة ”ليت يدي قطعت من هنا قبل أن أكتب حرفا” كم هي مخيفة الكتب، كم هو مرعب الحبر، إنه الذاكرة التي لا تشيخ و لا يصيبها زهايمر القرون إنه الفكرة التي تولد ولا تموت لترجع باستمرار، لو يعود هؤلاء ليروا ”دان براون” يكتب رواية ”شفرة دافينشي” عن نسل محتمل للمسيح ولا يمنع بل يبيع منها ملايين النسخ، لو يعرفون أننا صرنا نحمل الكتب في ثوان -حتى الممنوعة منها- أشعر دائما بالسعادة عندما أصادف كتابا أعرف أنه منع يوما أعجب باستلاله الرشيق من كل الرقابات، نسيت أن أخبركم لقد كان 21 ديسمبر 2012، إحدى دعابات ”المايا” في مخطوطهم الخامس يذكرون بجدية التاريخ الحقيقي لنهاية العالم والذي يصادف على ما أذكر سنة ألفين و..