تخلى ”بطل من ورق” عن قصره الورقي عندما اكتشف أنه رجل من ورق وأن حياته التي عاشها لم تكن الاّ حبرا على ورق لم يكن يعرف قبلا أن الورق مرادف للهشاشة للاوجود أيضا كيف يكون غير موجود وهو يشعر بوجوده أصلا ؟ تفطن إلى عملية النصب الكبيرة التي تعرض لها وأقسم بشرف الكلمات التي جعلته ما هو عليه أن ينتقم من كاتبه الذي لم يدافع عنه وضل يردد دائما لا تسألوني عن بطلي فلا وجود له انه أنا المختفي في مكان مني سأقول لكم كما قال فلوبير مدام بوفاري ليست الاّ ”أنا” ، أراد بطل أن يباغت كاتبه دون أن يسمح له بتحضير جمله ولا انتقاء تعابيره أراد أن يواجهه أعزل من لعبة الكلمات التي يتقنها تسلل من الشق الصغير تحت الباب مشى بحذر كي لا تصدر ”ورقيته” حفيفا ينبه الكاتب المنكب على عمله وقف أمام مكتبه حاول أن يجعل صوته مخيفا قال: -تخترع أبطالا غيري؟ستتبرأ من وجودهم كما فعلت معي؟ سنصير كلنا أنت المختفي في مكان منك كم مكانا سريا تخفي بعد؟ دون أن يرفع كاتب رأسه خاطب بطل وهو ما يزال منكبا على عمله -لن تنال معي حقا ولا باطلا أنا من اخترعتك ما كنت لتكون بطلا بدوني - بطل من ورق... - ”نتاع وجهك” البعض يذكرك ولا يذكرني والكثيرون لا يذكورونني الاّ وذكروك سأسكن قبرا ذات يوم أما أنت الورقي فستعيش إلى الأبد... -تظنه تعويضا مناسبا أن تنسبني كلية اليك أن تسرق كل بريقي؟ صحيح أنك أخترعتني على الرغم من أنك لم توفق حقا في اختيار اسمي وألبستني ما لم يعجبني أحيانا ”قميص أزرق سماوي” كرهته جدا كنت لأفضل عليه شيئا آخر، في مرات كثيرة جعلتني أتصرف على عكس ما أردت لقد جعلتني جبانا مرة، وخوافا مرة، ومستسلما مرة أخرى وأنا لست كذلك على الإطلاق حتى نهايتي لم تعجبني -لا يهم المهم أنك كنت كما أردتك أنا القراء أحبوك أيضا. -لن أتزحزح من مكاني حتى تعترف أني موجود حتى بدونك كان علي أن أكون -يا صديقي أنت من جعلتني موجودا أنا من يطالبك بأن تعترف بوجودي كاد قلب بطل من ورق أن يلين قليلا لو أنه تذكر لعبة الكلمات التي يتقنها كاتب -لا تمارس حيل الكلمات معي فأنا لا أصدق الكتاب. عاد كاتب الى عمله متجاهلا احتجاجات بطل من ورق وصوته الذي حاول أن يجعله مخيفا لم يكن كاتب يتضايق من الأصوات العالية ولا من الضوضاء كان كاتبا استثنائيا يمكنه أن يكتب في كل الظروف لكن صوت بطل كان فيه ما يزعج حقا ما يمكنه أن يشوش عليه انتقاء كلماته وجمله ما جعله يعطي وعدا لبطل أنه سيمنحه البطولة في عمل أخر ليكون فيه كما يشاء تسلل بطل كما جاء من تحت الباب وهو سعيد بوعد كاتب ،ابتسم كاتب بمكر وأسرع إلى النافذة ليشاهد بطل من ورق وهو يغرق في سيول المطر قال بلؤم ”يالأبطال الورق”.