تواجه لبنان أزمة سياسية حادة بعد استقالة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، أول أمس، بسبب خلاف حاد داخل مجلس الوزراء على استحقاق الانتخابات النيابية وتعيينات أمنية، داعيا إلى تشكيل حكومة إنقاذ وطني لتسيير البلاد في الوقت الراهن، كما علق رئيس الجمهورية ميشال سليمان اجتماع مجلس الوزراء. تأتي استقالة ميقاتي المفاجئة والمتزامنة وسط أجواء من التوتر الإقليمي والداخلي، لتفتح باب الاحتمالات واسعا في بلد ذي تركيبة سياسية وطائفية هشة، يشهد انقساما سياسيا حادا وتوترات أمنية جمة اتسعت دائرتها في الآونة الأخيرة على خلفية النزاع في سوريا المجاورة، ودعا رئيس الحكومة المستقيل إلى ضرورة تشكيل حكومة إنقاد تضمن تمثيل جميع القوى السياسية اللبنانية وتتحمل بدورها مسؤولية إخراج الوطن من الأزمة التي يعيشها، كما شدد على حتمية إجراء الانتخابات في موعدها المحدد مهما كانت الظروف والمقررة شهر جوان المقبل. كما جاءت الاستقالة بعد ساعات من فشل مجلس الوزراء في التوافق على إقرار تشكيل هيئة للإشراف على الانتخابات، والتمديد للمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي. ويحاول اللبنانيون منذ أشهر دون نجاح التوصل إلى صيغة لقانون انتخاب جديد، حيث يرفض المسيحيون خصوصا في الأكثرية والمعارضة ما يعرف بقانون الستين بسبب تقسيماته الانتخابية التي توزع المسيحيين ذي 34 % من السكان في دوائر عدة يشكلون فيها أقلية ما يجعل أصوات المسلمين هي المرجحة حتى بالنسبة لاختيار النواب المسيحيين. وتتألف الحكومة من ثلاثين وزيرا، هم ثلاثة وزراء يمثلون رئيس الجمهورية، وخمسة وزراء من فريق رئيس الحكومة وهو بينهم، ووزيران يمثلان الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، و20 وزيرا يمثلون عون وحلفاءه وحزب الله وحركة أمل الشيعيين وحلفائهما. من جانبه دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، إثر استقالة رئيس الوزراء نجيب ميقاتي كل الأطراف اللبنانية إلى الوحدة حفاظاً على أمن واستقرار لبنان، وحث بان كل الجهات الفاعلة في الحكومة على العمل سويا مع مؤسسات الدولة للحفاظ على الهدوء والاستقرار، واحترام سياسة النأي بالنفس التي يعتمدها لبنان تماشياً مع الالتزام الوارد في إعلان بعبدا، ودعم دور القوات المسلحة اللبنانية في الحفاظ على الوحدة الوطنية والسيادة والأمن. يذكر أن إعلان ”بعبدا” صدر خلال الحوار الوطني الذي عقد جوان الماضي ويدعو لإبقاء لبنان بعيدا عن التوترات والأزمات الإقليمية، وقد أطلق عليه هذا الاسم نسبة إلى مكان انعقاده في قصر الرئاسة اللبنانية في بعبدا.