الأستاذ هني أحمد من أعلام مدينة غليزان، بلغ عمله التربوي والتعليمي قمة العطاء، فهو من الذين اشتغلوا بقطاع التعليم لأكثر من 30 سنة بجديوية، وحرص طيلة هذه المدة على تحسين المستوى التربوي، وتخرج على يديه خيرة الأجيال الذين أثبتوا تفوقهم في العديد من المجالات. ولد الأستاذ هني أحمد في 9 ديسمبر 1951 بمدينة مازونة حاضرة العلم والعلماء، كيف لا وهو ابن زاوية سيدي هني المشهود لها بدورها التعليمي، حيث اغترف من معين الوطنية من أب سخر نفسه للعلم ودرس بمدرسة مازونة الفقهية إلى غاية 1945، وبقرار من الحاكم العام الفرنسي منعته السلطات الفرنسية من مزاولة التدريس إلى 1954 تاريخ اندلاع الثورة التحريرية، حيث انخرط الأب في الصفوف الأولى لجيش التحرير الوطني، ليلتحق بالرفيق الأعلى شهيدا بتاريخ 31 ماي 1958. وفي هذا الجو الممزوج بالطابع الديني والتعليمي والثوري، ترعرع استأذنا في أسرة كريمة لا زال صيتها ذائعا إلى اليوم بمدينة مازونة وبكل منطقة غليزان. فقد اكتوى الأستاذ أحد وعرف اليتم وهو ابن 7 سنوات، ولم يثنه هذا عن حفظ القرآن الكريم لصقل مواهبه المبنية على الاعتزاز بالهوية الوطنية، ليدخل المدرسة الابتدائية من سنة 1958 إلى 1962، وواصل تعليمه حسب النظام المعمول به آنذاك إلى غاية 1964، حينما التحق بثانوية زروقي بمستغانم، والتي تشمل التعليم المتوسط والثانوي بين 1965 و1971. قاد الطموح الأستاذ إلى الانخراط بالمدرسة العليا للصحافة، 1972-1973، غير أنّ الظروف الاجتماعية حالت دون إكمال دراسته، ليلتحق بالمعهد التكنولوجي بمستغانم عام 1974 المتخصص في إعداد وتكوين أساتذة التعليم المتوسط بعد اجتياز المسابقة الوطنية سنة 1974. ووقع اختيار الأستاذ بعد النجاح على مادة العلوم السياسية والاجتماعية انطلاقا من قناعات ترسخت في فكره ونفسيته منذ مرحلة الطفولة، وهو الذي عاش في بيئة مخضبة بويلات الاستدمار وغطرسته التي نالت من كرامة الآباء والأجداد، ما صقل شخصيته المبنية على ولعه بالجزائر، ورفع صوت هذه المعاناة أينما حلّ وارتحل، إلى جانب مهنة التدريس التي شملت مادة التاريخ. وشارك الأستاذ عني في عدة ملتقيات وطنية وجهوية حول تاريخ الجزائر، لا سيما الجانب الثوري منه، والتي كانت تنظمها وزارة المجاهدين بالتنسيق مع قسمات جبهة التحرير الوطني بين 1976 و1988، كما كان رئيسا للجنة التربية الوطنية، وعين مديرا لإكمالية عالم عبد الرحمان - جديوية - من 1986 إلى غاية 2001 العام الذي أحيل فيه على التقاعد. ولم يتوقف عطاء الأستاذ الموسوم بالحماسة والثورة على كل ما يمس ما هو جزائري، فلم يمنعه التقاعد من مزاولة عدة أنشطة ثقافية وتحسيسية، من خلال إلقاء العديد من المحاضرات حول ثورة ا لفاتح من نوفمبر 1954، منها إحياء ذكرى مظاهرات 11 ديسمبر 1960 بجامعة برمادية بغليزان في حضور جمع من الطلبة والأساتذة الجامعيين بتاريخ 11-12-2008 تحت إشراف الاتحاد الوطني للشبيبة الجزائريةبغليزان، كما قدّم العديد من الحصص التاريخية بإذاعة غليزان في برنامج “مدن وتاريخ”، شملت تاريخ مدن مازونة، وسيدي امحمد بن علي، ومديونة، وجديوية، وكانت له أيضا مساهمات في عدة جرائد عربية ووطنية، منها جريدة الأنوار اللبنانية والأهرام المصرية، ومجلة الكواكب وجريدتي الشعب والمجاهد ومجلة الثورة الإفريقية. ويعتبر الأستاذ هني أحمد وبدون مبالغة شعلة في مجال التربية والتعليم، ومثالا حيا للوطنية الصادقة، ففكرته المبنية على كيفية الإفادة خلّدت اسمه وتجربته المشهود لهما كنموذج للعطاء.