أصدر الباحث محمد مفلاح مؤخرا كتابا بعنوان »جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في مدينة غليزان 1931-1957« تناول فيه مراكز التعليم العربي الحر في غليزان، إضافة إلى تاريخ الحركة الإصلاحية بالمدينة منذ أن زارها العلامة ابن باديس عام ,1931 ثم بعده رواد جمعية العلماء. أشار الباحث في مدخل الكتاب إلى الظروف السياسية التي عاشتها الجزائر منذ الاحتلال الفرنسي وإلى غاية تأسيس جمعية العلماء المسلمين في مرحلة متميزة وبمخاض سياسي عسير وتحديات كبرى. في الفصل الأول تطرق الباحث إلى مكانة غليزان وزيارة ابن باديس لها في سنة 1931 ثم 1932 وفي سنة ,1936 وكتب عن المشايخ والأعيان الذين التقى بهم، منهم الشيخ مولاي محمد والقاضي بوخلوة بوعبد الله، والشيخ واضح خليل والسيد قاسم الجعدي رئيس الجماعة الميزابية بغليزان . الفصل الثاني خصّ به »شعبة غليزان« فكتب عن أعضائها البارزين الذين كانوا ينتمون إلى مختلف الفئات الاجتماعية (مشايخ، تجار، حرفيين، موظفين، فلاحين) منهم الشيخ جلول بوناب الذي ظل على رأس هذه الشعبة حتى وفاته سنة .1958 الفصل الثالث خاص بالتربية والتعليم بغليزان والجمعية المحلية للمدرسة التي ترأسها عند تأسيسها أعمر اسياخم، ثم تولى رئاستها عبد القادر سوداك، كما ذكر معلميها والمديرين، منهم الكاتب محمد الصالح رمضان وفرحات العابد وباقي بوعلام وغيرهم. الفصل الرابع عرضت فيه البرامج التعليمية التي تبنتها جمعية العلماء بمدارسها الحرة، وتحدث فيها عن النشاط التربوي والثقافي لمدرسة غليزان مستعرضا نجباءها من تلاميذ سنة .1948 تحدث أيضا عن الطلبة الذين واصلوا دراستهم بمعهد الشيخ ابن باديس أو في الجامعات العربية، مستعرضا أيضا شعبة غليزان ومشاركتها في احتفال افتتاح شعبة مدينة واد ارهيو ثم زيارة الشهيد الشيخ العربي التبسي لمدينة غليزان في بداية الثورة وإلى إقدام فرنسا على إغلاق مدرسة غليزان. أشار المؤلف في خاتمة الكتاب إلى أهم النتائج التي جاءت في البحث والتي تبرز المحطات الأساسية للحركة الإصلاحية في غليزان. للإشارة أرفق الكتاب بصور فوتوغراية نادرة خاصة برواد الإصلاح والطلبة والمعلمين في المنطقة، بعضها يعود إلى فترة الثلاثينيات. كما توقف المؤلف عند العديد من شهداء وقادة الثورة التي أنجبتهم المدارس الحرة وأيضا جمعية الكشافة الإسلامية بغليزان. يشير الباحث محمد مفلاح إلى قلة المصادر التاريخية لإعداد مثل هذه الأبحاث ويشيد بذات الوقت بالمساعدات التي تلقاها من قدامى تلاميذ المدارس الحرة وشيوخها (أو أبنائهم) وكذا مساعدته في الاطلالع على كل أعداد إصدارات جمعية العلماء المسلمين. للتذكير فإن محمد مفلاح من مواليد 28 ديسمبر .1953 وهو روائي وقاص وباحث في التراث والتاريخ، صدرت له 11 رواية وثلاث مجاميع قصصية وقصص عديدة للأطفال و5 كتب في التراجم وتاريخ منطقة غليزان. مفلاح تولى مسؤوليات ولائية ووطنية في اتحاد الكتاب والاتحاد العام للعمال وفي حزب جبهة التحرير وفي البرلمان وغيرها من المسؤوليات. تميز المؤلف بغزارة الإنتاج وتنوعه الجميل الذي طبع تجربته الإبداعية، وكتاباته التاريخية ما هي إلا وفاء من الكاتب وإحساس منه بالمسؤولية تجاه واجب التاريخ والتدوين، علما أن تضييع هذا الموروث هو خيانة.