قد يتحول راتب الزوجة العاملة إلى مشكلة حقيقية في الأسرة، عندما يحاول الرجل الاستيلاء والتحكم في راتب زوجته أو التصرف فيه، حيث انتشرت مؤخرا حوادث الطلاق والعنف الزوجي التي سببها راتب الزوجة العاملة. تؤكد شهادات العديد من النساء العاملات أن لب الخلاف بينهن وبين أزواجهن هو راتبهن، حيث يرى بعض الأزواج أن راتب زوجته من حقه أن يتصرف فيه مثلما يشاء. كما أن بعض الأزواج لا يتحرجون من السيطرة على راتب الزوجة، حيث يصير هو الآمر الناهي في مال زوجته بل وتصير المرأة هي التي تطلب الإذن منه حتى تصرف من راتبها. فإحدى الزوجات مثلا أكدت لنا أنها “عملت” وكالة لزوجها حتى يتوجه كل شهر إلى البنك لسحب راتبها وإذا احتاجت شيئا تطلبه منه، وليس من حقها أن تشتري أي شيء ترغب فيه بدون رضا الزوج، رغم أن المال مالها وهي التي تتعب كل شهر وفي النهاية يأتي الزوج ليحرمها من حقها الطبيعي، وإذا حاولت أن تحتج يعنفها وقد يصل به الأمر إلى الضرب.. سيدة أخرى تقول إن زوجها بطال لا يشتغل، وبما أنها صاحبة إرث ورثته من أبيها قامت بإنشاء مشروع تجاري وفوضت زوجها لإدارة تجارتها، لكنه يرفض أن يطلعها على تفاصيل العمل، وليس من حقها أن تطلع على أرباح شركتها التي أنشأتها بمالها. سيدة أخرى تقول إنه قد يمضي وقت طويل قبل أن يتذكرها زوجها بهدية أو يلبي إحدى حاجياتها، رغم أنها تقف يوميا ساعات طوال في قسم التدريس من أجل أن يأتي الزوج في النهاية ويفرض سيطرته على مدخولها.شهادات نسوة على اختلاف مستوياتهن الاجتماعية تجمعن أن الرجل الجزائري صار لا يتحرج في فرض سيطرته على دخل زوجته، بل بعضهم لا يشتغل ويفضل قضاء وقته متسكعا بين المقاهي، وبعضهم يتعاطى الخمر والمخدرات وزوجته تكد وتتعب، وفي الأخير يفرض عليها سيطرته بدعوى القوامة، ويجد أنه من حقه إدارة مال زوجته ولا يحق لها التدخل في أي تفصيل. ويرجع البعض لجوء الرجل إلى الزواج من امرأة عاملة وذات مكانة اجتماعية نتيجة تفرضها الظروف الاجتماعية الصعب والبطالة، حيث لم يعد من العيب ولا مستهجن اجتماعيا أن تنفق المرأة على الرجل. لكن من جهة أخرى، يرى بعض المحللين الاجتماعيين أن قبول الرجل باشتغال زوجته وتقبله أن تصرف عليه يشعره بالعجز وانتقاص من الرجولة، وهذا نتيجة نظرة المجتمع والتنشئة الاجتماعية التي تربط الرجولة بالمقدرة المالية والهيبة الاقتصادية في البيت، فالمثل الشعبي عندنا يقول:”الراجل عيبو في جيبو”. لهذا يلجأ الرجل إلى محاولة التعويض عن هذا العجز بفرض السيطرة على زوجته حتى لو كان بغير وجه حق، بالشكل الذي يجعله يعتقد أن إحكامه السيطرة على راتب الزوجة هو تجسيدا لرجولته و بسطه نفوذه على بيته. ويحاول الرجال الذين يبسطون نفوذهم على رواتب زوجاتهم تبرير هذا الفعل بالقوامة {الرجال قوامون على النساء}، وتعني القوامة في نظرهم أن الرجل سيد على المرأة ومن حقه أن يبسط نفوذه وسيطرته عليها. كما يرى البعض أن قبول النساء بهذه الشروط المجحفة هو محاولتهن شراء غطاء اجتماعي والمحافظة على مظهر الزوجة أو المرأة الناجحة، لأن النجاح في المجتمع الجزائري مازال قرينا بوضع المرأة الاجتماعي، فالمجتمع يرى المرأة ناجحة فقط إذا كانت زوجة ولا يهمه كيف يكون هذا الزواج. لهذا وهروبا من شبح العنوسة أوالمرأة المطلقة تفضل النساء دائما الاحتفاظ بلقب الزوجة حتى لو كان ذلك على حساب بناء شخصيتهن واستقلالهن المهني والاقتصادي، خاصة أن ظاهرة زواج نساء متفوقات من رجال بلا مستوى صارت أيضا مطروحة بقوة ولنفس السبب.