الصيف سيكون ساخنا بأتم معنى الكلمة على حدودنا الشرقية، بسبب تكثيف العمليات الإرهابية في هذه المناطق على التراب التونسي، وتركيز لمجموعات إرهابية على طول الحدود مع الجزائر. ما يعني أن موسم السياحة التونسي الذي ينتعش من السياح الجزائريين سيتضرر من هذا. ليس هذا فحسب، بل ستجبر الجزائر على تركيز حراسة حدودها أكثر، وتوجه المزيد من فرق الجيش لمنع اختراق مجموعات إرهابية لترابنا، خاصة بعد حادثة تيڤنتورين التي شارك فيها أكثر من 11 إرهابيا تونسيا. الأخطر من هذا كله، هو ما قاله وزير العدل التونسي أمس، نذير بن عمو، قال إنه لا يمكن إجراء انتخابات الآن، والأولوية لمكافحة الإرهاب، بعدما عرفت تونس في الأيام الأخيرة الكثير من التفجيرات في جبل الشعانبي استهدف عناصر الجيش التونسي، قتل فيها من قتل وألحقت أضرار بليغة بالعديد منهم. هذا إلى جانب التهديدات اليومية التي يواجهها التوانسة داخل العاصمة، وتعرض باقي مدن الجمهورية لتهديدات زادت حدة خاصة بعد مقتل السياسي والمحامي التونسي شكري بلعيد مطلع فيفري الماضي. لكن الذي لم يقله بن عمو، هو حقيقة التستر وراء العمليات الإرهابية، ولماذا ترفض حكومة النهضة الانتقالية، خوضها في غضون الأشهر المقبلة؟! أي قبل شهر أكتوبر، إذ أن الحكومة الانتقالية والمجلس التأسيسي المنبثقين عن انتخابات أكتوبر 2011 مجبران على إعداد دستور، وتنظيم استحقاقات لانتخاب مجلس وطني، في ظرف لا يتجاوز السنتين. ويبدو أن النهضة لا تريد بأي حال من الأحوال تنظيم انتخابات، وتغامر بأغلبية حققتها في الانتخابات السابقة الذكر قبل أن يكشف الشارع التونسي حقيقتها. النهضة تريد اليوم بأعذار مكافحة الإرهاب الالتفاف على دواليب الدولة، ولا تريد شريكا آخر لها في الحكم، لأنها تدرك أنه في حال تنظيم انتخابات حقيقية بعيدا عن المال القطري، ستخسر الكثير بعد تورط عناصرها (صهر الغنوشي) في قضايا أخلاقية، وآخرون في عمليات العنف تحت مسمى لجان حماية الثورة. النهضة التي قدمت إلى الشعب التونسي في تغليف الحركة المعتدلة، بدأ زعيمها يجند الشباب ويشجعهم على تنظيم معسكرات التدريب واختراق مؤسسات الجيش والشرطة وجهاز العدالة مثلما قال الرجل الثاني بها، عبد الفتاح مورو، ويشجع الشباب التونسي على السفر من أجل الجهاد في سوريا، ويحاول أن يؤسس في السر ميليشيات لضرب القوى الديمقراطية والمتمسكة بعلمانية الدولة التونسية، ومنعهم من أي نشاط سياسي من شأنه أن يعارض المشروع الإخواني لحركة النهضة. فحركة النهضة مثل أي تنظيم إسلاموي آخر لا تؤمن بالانتخابات وبالديمقراطية، وهي في هذا لا تختلف عن تنظيم ”الفيس” المحل في الجزائر، الذي كان زعيمه الثاني علي بلحاج يقول دائما إن الديمقراطية كفر، وأن الانتخابات (1991) في الجزائر ستكون آخر انتخابات لأنها تتعارض مع الإسلام. ولأن النهضة هي الأخرى ترى في الديمقراطية كفرا، والانتخابات كذلك، فهي قد استعملتها لتصل إلى سدة الحكم ثم تسد الطريق نهائيا أمام أية محاولة للتداول على السلطة. يستنتج عن كل هذا أن النهضة هي من وراء العمليات الإرهابية التي تتحجج اليوم بمحاربتها، حتى لا تنظم انتخابات، وأن نكتة القاعدة على الحدود مع الجزائر لا أساس لها من الصحة، والهدف الوحيد من وراء هذا هو إقناع المجتمع الدولي بهذه الأولوية. والرسالة موجهة بالدرجة الأولى إلى الجزائر، وإلى أمريكا التي تدعي أنها الراعية للديمقراطية في العالم!؟ هذه هي ديمقراطية الربيع العربي الإخواني؟!