منذ أسبوع قصفت طائرات إسرائيلية مواقع في سوريا وقالت إنها استهدفت شحنات أسلحة كانت موجهة لحزب الله. وتوعدت سوريا بالرد الذي لم يأت، لا من سوريا، ولا من حزب الله الذي قال زعيمه في آخر خروج إعلامي له إنه ستصله أسلحة متطورة جدا لم يملكها من قبل، من سوريا، لكنه لم يرد، ولم يتوعد بالرد على الضربة الإسرائيلية!؟ وفي الوقت الذي كنا ننتظر ردا في إسرائيل، جاء رد سوريا في تركيا أول أمس، بتفجير سيارتين في الريحانية خلفت أزيد من 40 قتيلا ومثلها من الجرحى، وردا آخر أمس باستهداف طائرة حربية تركية على الحدود السورية، حتى وإن قال البيان التركي بأن سبب سقوط الطائرة تقني، فهل استهداف تركيا، الذي لم يتبناه النظام السوري حتى اليوم، ما هو إلا بداية لتحول في المعادلة السورية التي كانت حتى الآن تلتزم بالدفاع عن نفسها في مواجهة حرب متعددة الجنسيات، تبين مع الوقت أنها لا تستهدف النظام وحده، بل تهدف إلى تفكيك سوريا مثلما أكد الأسبوع الماضي وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق شاؤول موفاز، وتحطيم بنيتها التحتية بصورة يصعب معها أن تسترجع قوتها العسكرية والاقتصادية مستقبلا، ما يتيح لإسرائيل أن تنعم لعقود بالأمن، خاصة إذا ما تحقق حلم أمريكا، ومكنت الإسلاميين من تولي الحكم في سوريا، بعدما عقدت تحالفا مع حركة الإخوان بحماية أمن إسرائيل، والتطبيع معها؟! أي أن سوريا تحولت من هدف لأسلحة حلفاء الثوار، إلى موقف الهجوم، وبالتالي ليست تركيا إلا أول هدف من سلسلة أهداف أخرى سيوجه لها النظام السوري ضربات، هذا إذا صدقنا جورج صبرا القيادي المعارض للنظام السوري، الذي قال أمس إن عملية الريحانية هي محاولة للنظام السوري لتصدير أزمته الحادة إلى دول الجوار، ما يعني أن هناك بلدانا أخرى قد تستهدفها النار السورية، ولا يستبعد أن تصل حتى إلى بلدان خليجية، وقد تكون قطر أكبر هدف لما تقدمه من دعم للانقلابيين السوريين، بعدما صدرت أزمتها منذ الشهور الأولى إلى لبنان، الذي يعيش اليوم على وقع الأحداث في سوريا، ويشد أنفاسه يوميا مع كل تفجير، وكان من آثار الأزمة السورية المباشرة عليه، سقوط حكومة ميقاتي، وخلافتها بحكومة تمام سلام التي أريد من خلالها تحجيم دور حزب الله. ربما تكون سوريا مستعدة لكل المغامرات، بل لإشعال المنطقة كلها، تطبيقا لمبدأ ”عليّ وعلى أعدائي”، فنظام بشار لم يعد لديه ما يخسره أمام المؤامرة المحاكة ضده، والتي لم يعد أحد من الأطراف يخفيها، حتى وإن تبادل الجميع الأدوار، بين مرحب بالحل السلمي وبين قارع لطبول الحرب، من تركيا إلى أمريكا مرورا باسرائيل وفرنسا وبريطانيا، والتي في انتظار أن تتفق على بديل للأسد، تمضي في دعم المعارضة لهدم سوريا وتفكيك بنيتها الاجتماعية، بتحويل الصراع على السلطة إلى صراع طائفي، ونصب نصف المجتمع السوري عدوا لنصفه الآخر. تفجير تركيا دليل آخر على أن أيام الأسد على رأس سوريا ما زالت طويلة، وأن عملية إسرائيل التي قيل إنها كانت لتحقيق توازن في القوى بين نظام بشار والمعارضة، لم تحقق الهدف، ليس فقط لأن بشار يمتلك دعم إيران وروسيا وهي قوة لا يستهان بها، بل أيضا لأن المعارضة السورية وانشقاقاتها وتواطؤها مع أعداء الأمس هي من أعطت دعما لبشار. فليس من المنطقي أن يدعم السوريون معارضة تصفق عندما تضرب إسرائيل دمشق، لكن هذا بالضبط ما حدث وهذا ما أدى إلى طرح التساؤل أيهما أرحم، بشار أم النصرة وحليفتها إسرائيل؟!