كنت متحفظة طوال السنة الماضية على البرلمان الجديد، ولم أذكره لا بالإيجاب ولا بالسلب حتى نرى ”حنة يديه” على حد تعبير المثل الشعبي، وحتى نرى قدرة أعضائه على مناقشة القضايا الوطنية، وعلى التصدي للفساد المستشري، وما إلى ذلك من التحديات المطروحة على هذه المؤسسة الشعبية. لكن ما قرأته أمس، في الصفحة الأخيرة في صحيفة ”الخبر” جعلني أنتفض على مثل هذه الأصناف. فهذ النائب المتفرعن بفضل حصانته البرلمانية، بل قل هذا ”الحمار” المسمى اعتباطا نائبا، والذي انهال عضا على موظفة الجزائرية للمياه وسحلها على الأرض، لا لشيء إلا لأنها سلمته بلاغا رسميا يمنعه من سرقة المياه، التي تزود ملبنته، هو عينة عن الحال التي وصلت إليها هذه المؤسسة الدستورية، منذ أن صار الولوج إليها لا يمر عبر صناديق نزيهة، أو ترشيحات تتم على أساس النضال والسمعة الشريفة، بل على أساس المال الفاسد، هذا المال الذي اشترى لصاحب ملبنة مؤسسة بالطرق الملتوية وبالسرقة مقعدا في البرلمان، لأن تزويد ملبنة تلتهم ما يكفي لحي كامل من ماء بطريقة غير شرعية، تجعلنا نشك في المال المستثمر في ملبنة، وهذا بالضبط ما كنا نخشاه، عند الحملة الانتخابية. وعندما احتل أصحاب الشكارة مثلما هو المصطلح المتداول، رؤوس القوائم الانتخابية، وقلنا إن هؤلاء يريدون دخول قبة البرلمان ليس حبا في النيابة، وإنما بحثا عن الحصانة، وفرصة لتوسيع علاقاتهم لدعم أعمالهم واستثماراتهم. وها هي حادثة قصر البخاري بالمدية، تثبت صحة تنبؤاتنا، خاصة وأن البرلمان المنتهية عهدته السنة الماضية كان يضم في صفوفه العشرات من المتابعين قضائيا، حمتهم الحصانة من دخول السجن. لا أدري ماذا سيكون موقف رئيس الغرفة السفلى من هذا النائب اللص؟ بل ماذا سيكون رد فعل السلطات التي تسلح أناسا بهذا العنف يهدد موظفة تقوم بعملها وفق القانون بالسلاح والعض والضرب؟ وهل ينتظرون أربع سنوات أخرى لإسقاط الحصانة عنه وتقديمه إلى العدالة لمحاسبته على فعلته هذه؟! خاصة في هذا الظرف الذي تعيش فيه البلاد كلها على الأعصاب، ليس بسبب مرض الرئيس فحسب، بل بسبب كل الأخبار المحبطة الآتية من الجنوب وما تحمله من تهديد بالانتفاض، ومن المحاكم بسبب أخبار الفساد التي غرقت فيها أطراف في السلطة، ضف إلى ذلك أخبار الوضع الأمني المحيط بالبلاد والذي ينذر بانفجار في منطقة المغرب كلها... ولد خليفة مطالب بتحمل مسؤولياته، بعد التحقق طبعا من صحة هذه الحادثة، حتى لا تكون هذه الحادثة الشرارة التي ستفجر البرلمان وتعصف به خاصة ونحن على مرمى حجر من تحولات عميقة في البلاد؟!