المعارضة استغلت الحراك للانتقام من أردوغان جون كيري مبتدئ في السياسة وتجاوز حدوده بتصريحاته وصف النائب السابق عن حزب ”العدالة والتنمية” التركي، رسول طوسون، الاحتجاجات التي تشهدها بلاده منذ أسبوع بالمشروعة، مؤكدا أن الحكومة ستستفيد منها أكثر من المعارضة، ومتهما حزب ”الشعب الجمهوري” المعارض باستغلال الاحتجاجات للثأر من رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان. واعتبر طوسون في حوار ل”الفجر”، أن أسوء الاحتمالات في حال تأزم الوضع هو تقديم موعد الانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها في شهر مارس المقبل. كيف تقرأون استمرار الاحتجاجات التي ارتفع سقفها إلى المطالبة بإسقاط حكومة أردوغان؟ صحيح أن الاحتجاجات بدأت بدعوى حماية البيئة ثم تحوّلت لترفع رفع مطالب سياسية تهدف إلى إسقاط أردوغان، لكن النظام الديمقراطي في تركيا لا يسمح بإسقاط الرئيس إلا بتقديم الانتخابات، ولا يفصلنا اليوم إلا عشرة أشهر عن الانتخابات البرلمانية، وبالتالي فهذه الأحداث لن تؤثر على النظام. لقد استغل مشاغبون هذه الظروف واعتدوا على ممتلكات المواطنين، ما استدعى تدخل الشرطة واعتقال المئات منهم، وقد تم الإفراج عن غالبيتهم، لكن المعارضة كذلك استغلت هذه الظروف لتأجيج الوضع أكثر للثأر من أردوغان الذي انتصر في خمسة مواعيد انتخابية على التوالي. من تقصدون تحديدا؟ في الحقيقة، حزب ”الشعب الجمهوري” هو أكبر أحزاب المعارضة في تركيا، وهو اليوم يستغل هذه الظروف ليحول امتعاض المحتجين على مشروع تنموي يخص ميدان ”تقسيم” إلى أصوات انتخابية، بعد هزائمه المتتالية أمام ”حزب العدالة والتنمية”. بيد أن هذا ستحدده صناديق الاقتراع من خلال الانتخابات المقبلة. لكن وعلى عكس هذا الحزب، التزم ثاني حزب معارض (حزب الحركة القومية) الحياد ولم يشارك في هذه الاحتجاجات، لأنه رأى أن من بين المحتجين متطرفون ومن ينتمي إلى تنظيمات إرهابية، رغم معارضته الشديدة لسياسات ”العدالة والتنمية”. هل مازالت الحكومة مصرّة على المشروع؟ حدة الاحتجاجات تراجعت مقارنة مع بدايتها وأعتقد أنها ذاهبة إلى تهدئة. رغم أن المشروع التنموي قدّمته حكومة شرعية خرجت من رحم صناديق الاقتراع، لكن الاحتجاجات في النظم الديمقراطية مشروعة ومقبولة لأنها تعطي رسائل إلى الحكام، ورئيس الجمهورية عبد الله غول قال إن هذه الرسائل وصلت وستلبى مطالب المحتجين في الوقت المناسب. ماذا عن مطلب استقالة الرئيس ورئيس وزرائه؟ حتى وإن استقالا، ليس هناك حزب بإمكانه تشكيل الحكومة الجديدة لأن ”العدالة والتنمية” هو صاحب الأغلبية، وهو من سيعيد تشكيل هذه الحكومة، وبالتالي هذه الاحتجاجات لن تسقط الحكومة، وأسوأ الاحتمالات هو تقديم الحكومة لموعد الانتخابات البرلمانية في حال عمت الاحتجاجات مختلف المدن التركية، وستكون صناديق الاقتراع هي المرجع لحل الأزمة، لكن أعتقد أن هذه الأحداث ستنتهي خلال الأيام القليلة القادمة. السؤال الذي أطرحه هو ما الذي يريده المحتجون؟ الأحزاب موجودة، حرية التعبير والصحافة متوفّرة، هناك قنوات تنتقد الحكومة وأردوغان بقوة بكل حرية دون أن يضايقها أو يعترض عليها أحد. لكن تصنيف تركيا في مجال الحريات شهد تراجعا كبيرا حسب بعض التصنيفات الدولية؟ هذه ادعاءات لا أصل لها. نعم هناك بعض الصحافيين المعتقلين، لكن اعتقالهم لم يكن على خلفية ممارسة الصحافة أو لأنهم عبّروا عن آراء مناهضة للحكومة، وإنما اعتقلوا من طرف المحكمة القضائية لارتباطاتهم وانتمائهم إلى منظمات إرهابية. ما ردكم على اتهامات العلمانيين لأردوغان وحزب ”العدالة والتنمية” بمحاولة ”أسلمة” الدولة وتغيير ثقافة المواطن التركي بعد تحقيق إنجازات على المستوى الاقتصادي؟ موضوع أسلمة الدولة هو محاولة يائسة، فتركيا مسلمة منذ أكثر من ألف سنة. القضية مرتبطة بهوية وشخصية أردوغان الذي يعتني بمعتقداته وتعاليم دينه، وهم يظنون أنه يفرض على المجتمع التركي أحكاما إسلامية. هذا خاطئ. سأصارحك أنني كمسلم أتمنى أن يفرض ذلك، لكن هذا غير ممكن، لأن تركيا دولة ديمقراطية لها مؤسسة تشريعية وقضاء مستقل. القضية إذن يثيرها علمانيون متطرفون يزعجهم أردوغان، فحولوا اعتصامات حماة البيئة في ميدان ”تقسيم” إلى احتجاجات سياسية لإسقاطه، بل إن من يتهمون أردوغان بأسلمة الدولة قد خدموه أكثر، وساهموا في زيادة شعبيته، وسنرى ذلك في الموعد الانتخابي المقبل، بعد عشرة أشهر. هل ساهم اجتماع الرئيس التركي غول برئيس حزب ”الشعب الجمهوري” في إيجاد رؤى توافقية لحل الأزمة؟ كان هناك اجتماع مع رئيس حزب ”الشعب الجمهوري” وحزب ”العدالة والتنمية” في إطار مساعي حلحلة الأزمة. الرئيس عبد الله غول فتح باب الحوار ويلتقي بجميع الأطراف والأحزاب السياسية وفعاليات المجتمع المدني لحل الإشكال في أقرب وقت ممكن. كيف تقرأون تصريحات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري حول قلق واشنطن مما يجري في تركيا؟ أعتقد أن وزير الخارجية الأمريكي تجاوز حدوده، لأن ما يجري في تركيا شأن داخلي، وجون كيري سياسي مبتدئ وبإمكانه أن يرتكب مثل هذه الأخطاء، لكن نحن نفسر الأمر بأنه كان يقصد أنه يتمنى أن تهدأ الأمور.. لا أكثر ولا أقل.