شكلّ التاريخ وكيفية قراءته، منطلقات الكتابة عنه، وما هي المرجعية في كتاباته، موضوع نقاش طرح على مؤلفين شبان تحدثوا من خلاله عن تجاربهم الأولى في عالم الكتابة الروائية، التي حملت جانبا من قراءتهم لتاريخ بلدهم بطريقتهم الخاصة وبلغات مختلفة. قالت الروائية هاجر قويدري، أول أمس، في مداخلتها ضمن المائدة المستديرة، في إطار فعاليات مهرجان المهرجان الدولي للأدب وكتاب الشباب في دورته السادسة التي تجري بالعاصمة، تحت عنوان ”حوار بين مؤلفين شباب بعيدا عن التاريخ ولغات الكتابة”، والتي ضمّت كذلك الروائي كمال قرور والروائية آنيا مريماش، من الجزائر، ويامن مناي من تونس: أنّه لا يوجد خيار محدد لدى الروائي في البداية أثناء كتابة عمل أدبي يضم أحداث تاريخية معينة، بينما تعود لرؤيته في قراءته تاريخ بلده بطريقته الخاصة وبلغة منوعة ترى بأنّ في الجيل الجديد اليوم من الكتّاب الشباب مصالحة معها وبالخصوص مع العربية. وأكدت قويدري أنّه يجب على الكاتب الذي يريد كتابة تاريخ معين معرفة ثلة من الأشياء منها اتسامه بالوعي واحترام حدوده والإطلاع على تراثه وثقافته وغيرها، وأنّه يكتب فقط عن الأجواء المحيطة بتاريخه. مشيرة في السياق أنّ رواية ”نورس باشا” تتناول الفترة العثمانية التي لم تأخذ حقها من الكتابة اليوم، كما أنّها تقرأ فيها الجزائر بطريقتها الخاصة ولا تقصد من خلالها السياسة وما حوته تلك الفترة التاريخية. بدوره أكدّ كمال قرور أنّ الاشتغال على التراث والتاريخ كان الأرضية الأولى الخاصة لكتابة روايتيه ”الترّاس” و”سيّد الخراب”، لاسيما بعد دراسته لهذا المجال الخصب في الجزائر والذي وجده على حدّ تعبيره ”أرضية قوية ”للكتابة. وأشار إلى أنّ المؤلفين الشباب اليوم لا يكرسون للواقع وإنما يحاولون الانتقال إلى الواقع السحري من خلال بناء رواياتهم على أحداث واقعية. وأكدّ بأنّ القارئ بالعربية يهتم كثيرا بما هو سحري. أمّا الروائي التونسي يامن مناي، فيرى أنّ بداية الكتابة تكون بمؤشرات لكن لا يمكن معرفة مآلها ونتيجتها، حيث تبقى مرهونة بأحداث وأطوار القصة، مؤكدا أنّ الثورة التونسية شجعته وألهمته على الكتابة، كما شكلت نقطة انطلاقاته الأساسية، انطلاقا من تناوله لنظام الدكتاتورية الذي عرفته تونس من خلال حكم الرئيس بن علي وكيفية ثوران الشعب عليه وتنحيته من منصبه. بينما يعتبر اللغة العربية بمثابة عامل أعطى دفعا قويا في كتابة نصوصه وبلورتها بشكل سليم، غير أنّه لم يخف أنّ حالة الكتابة بالعربية في تونس تدهورت بدكتاتوريات محتها ومحت التاريخ أيضا باعتبار الشعراء والكتاب الذين باتوا سياسيين أكثر من كتّاب. ليتفق هؤلاء في الأخير أنّ كتابة التاريخ تختلف حسب رؤية كل واحد والظروف المحيطة به بعيدا عن اللغة التي لا تعدّ عائقا بتاتا.