كشفت دراسة ميدانية حديثة أجراها المركز الوطني الفرنسي للديموغرافيا الصحية، خلال شهر جوان الجاري، أن 22 بالمائة من الأطباء الأجانب الناشطين بالمراكز الصحية الفرنسية، من أصول جزائرية، أي ربع العمالة الأجنبية، وهي أكبر نسبة أطباء أجانب بفرنسا على الإطلاق. وذكرت الدراسة الصادرة أن الجزائريين يشكلون الدعامة الأولى بالنسبة للأطباء الفرنسيين، كونهم يمثلون الأغلبية الساحقة في عدد العمالة الأجنبية في القطاع الصحي. واستنادا إلى ذات الدراسة فإن العدد في تصاعد ملحوظ، لا سيما وأن الدراسات العليا التي يجريها الأطباء الجزائريون عادة ما تتحول إلى استقرار بفرنسا، فضلا عن الهجرة الانتقائية التي تتعامل بها باريس مع فئة المثقفين والمهنيين الذين يشكلون إضافة لرصيد احتياجاتها في الميدان الصحي. ويأتي تصنيف الجزائريين في القطاع الصحي الفرنسي مقارنة بالجنسيات الأخرى، متقدما، كونه يمثل ربع العمالة الأجنبية في القطاع، في الوقت الذي تمثل فيه مثلا العمالة الصحية للمغاربة في فرنسا 5.8 بالمائة، متبوعة بتونس بنسبة 2.5 بالمائة، ومصر بنسبة ضعيفة وقدرها 1 بالمائة فقط. وحسب ذات المصدر، تقوم الحكومة الفرنسية بتوظيف دائم ومستمر للطاقات المغاربية في مجال الطب، حيث يكشف التقرير السابع من نوعه على التوالي، أن عدد الأطباء المغاربة هم في تزايد متواصل، حيث سجلت زيادة قدرها 43 بالمائة بين سنة 2008 و2013، مع توقعات بتراجع حركة هجرة الأدمغة في مجال الطبية سنة 2018 إلى حدود 34 بالمائة. وأشاد التقرير بالخبرة التي يتوفر عليها الأطباء الأجانب وفي مقدمتهم الجزائريون، مؤكدا أن عدد حاملي الشهادات الطبية من المغاربة يشكلون ثلثي حاملي الشهادات خارج دول الاتحاد الأوروبي. ويشكل الأطباء الجزائريون تعويضا للحكومة الفرنسية التي توسع استثماراتها في المجال الطبي سنة تلو الأخرى، بالإضافة إلى تعويض المتقاعدين للمراكز العمومية، كما تختار الإطارات الجزائرية في أغلب الأحيان، فرنسا للتداوي، لأسباب متعلقة باللغة وقرب المسافة، وهو توجه يمليه النقص الشديد في الإمكانيات والعتاد بالمؤسسات الجزائرية إذا ما قارناها بنظيرتها الفرنسية. ويمكن بأي شكل من الأشكال تفسير التصاعد في هجرة الأدمغة الصحية، مثلما كشف عنه التقرير الفرنسي، بمعزل عن جميع حركات الاحتجاج التي باتت تؤرق القطاع واستياء الأطباء من تحقيق سقف من مطالبهم المهنية والاجتماعية، وهي أوضاع تختلف عن أوضاع نظرائهم في تونس والمغرب الذين يهاجرون بعدد أقل إلى فرنسا. وتعد فرنسا المستفيد بامتياز من هجرة الأدمغة نحو بلادها، وهي تشجع هذه الهجرة الانتقائية التي تساعدها في تحقيق اقتصاد صحي، كونها تجني ثمار نفقات الحكومة الجزائرية في تكوين تلك الإطارات مباشرة بعد تخرجها على ترابها، أو بتوظيفها في إطار الطلبات التي تتلقاها مباشرة من الخبراء بالجزائر.