أقرت منظمة الصحة العالمية ميثاقا عالميا لوقف هجرة العاملين بقطاع الصحة من الدول الإفريقية نحو الدول الأوروبية، في الوقت الذي يعلق فيه الجزائريون آمالا على الهجرة بعد عجز وزارة الصحة عن تحسين ظروفهم المادية والاجتماعية، بينما أكد مجلس أخلاقيات الطب أن الجزائر غير معنية بالميثاق العالمي، كونها تشهد فائضا في عدد الأطباء حيث تجاوزت المعدلات العالمية. وأثار القرار الصادر عن وزراء الصحة، نهاية الأسبوع المنصرم بجنيف، والذي وصف بالنادر، جدلا في أوساط العاملين بقطاع الصحة بالدول الإفريقية، بعد إقرار الميثاق التطوعي لأعضاء منظمة الصحة العالمية الثاني تجنب توظيف أطباء وممرضات من دول فقيرة تعاني من نقص حاد في الأطقم الطبية، والذي جاء بعد ست سنوات من المفاوضات التي تهدف إلى وقف هجرة العاملين في قطاع الرعاية الصحية من نحو 60 بالمائة من أفقر دول العالم، في محاولة لوضع حد لهجرة هؤلاء، خاصة بمنطقة إفريقيا وجنوب الصحراء التي توجد بها أعلى نسب وفيات للأطفال والأمهات، ولا تتوفر سوى على 3 بالمائة فقط من القوى العاملة في مجال الصحة. يحدث هذا أمام عزم الأطباء الجزائريين من ممارسين وأخصائيين على هجر قطاع الصحة والالتحاق بدول أخرى قصد تحسين ظروف معيشتهم، التي باتت تعيش أسوء مراحلها بسبب عدم سعي الوزارة الوصية لتوفير كافة الإمكانيات المادية والمعنوية لإبقائهم بالقطاع العمومي على وجه التحديد، حسب تأكيدات نقابات الصحة التي تحضر للعودة للإضرابات قريبا بعد فشل المفاوضات مع الوصاية، وانتهاج الصمت، رغم دخولهم في ديسمبر المنصرم في إضراب تجاوز الأربعة أشهر. وحول الموضوع صرح عميد الأطباء الجزائريين، بقات محمد بركاني ل”الفجر” بأن القرار لا يمكن تعميمه على كل دول إفريقيا، مؤكدا أنه حتى الدول الغربية بما فيها الأوروبية ستتعامل مع الإجراء وفق سياستها وحسب احتياجاتها، في ظل غياب تكوين أطباء متخصصين لا سيما على مستواها، ما يجعلهم مضطرين للجوء إلى الدول النامية، والعالم يشهد أن أكبر وأهم المختصين الموجودين بأوروبا من المهاجرين. وبخصوص الجزائر قال بقات “إننا نعاني فائضا في الأطباء، ما يجعل هذا الإجراء بعيدا عنا”، موضحا أنه يوجد طبيب لكل 800 نسمة، ما يفوق المعدل العالمي الذي يعتمد طبيبا لكل 1000 شخص، في الوقت الذي لا تمنح لهم فرص التشغيل لكثرة عدد المتخرجين سنويا على مستوى 13 كلية طب، محملا مراكز التكوين مسؤولية هذا العدد الهائل، جراء غياب تخطيط معقول، وعدم توجيه الطلاب إلى تخصصات وفق احتياجات السوق، قائلا إنه “حتى في مجال الطب لا يتم مراعاة أمراض العصر” في ظل ضعف التكوين الذي يفتقر للمهنية والاحترافية وفق المقاييس العالمية. وأوضح المتحدث أن عدم توفير الأجواء المناسبة للعمل من تحسين الظروف المعيشية والمهنية ساهم في معدل اللجوء إلى الخارج، كاشفا عن ما يزيد عن 10 آلاف طبيب مهاجر، 6000 منهم بفرنسا وحدها لا يتمتعون بنفس حقوق نظرائهم الفرنسيين.